ذلك بأمر المؤمنين بأكلهم من الحلال الطيب وشكرهم لنعمة الله عليهم وطاعتهم للرسول فيما به أمر وعنه نهى كيلا يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم ، ثم ببيان ما حرمه من المآكل ، وأن التحليل والتحريم لا يكونان إلا بنص من الدين لا بالهوى والتشهي ، لأن ذلك افتراء على الله ، ومن يفتر عليه لا يفلح. وأن ما حرّم على اليهود قد ذكره فيما نزل عليه من قبل فى سورة الأنعام ، وأن من يعمل السوء لعدم تدبره فى العواقب كغلبة الشهوة عليه ثم يتوب من بعد ذلك ويصلح أعماله ، فإن الله غفور لزلاته ، رحيم له ، فيثيبه على طاعته.
الإيضاح
(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) أي فكلوا يا معشر المؤمنين مما رزقكم الله من بهائم الأنعام التي أحلها لكم ، وذروا الخبائث وهى الميتة والدم ، واشكروه على ما أنعم به عليكم ، بتحليله ما أحل لكم ، وبسائر نعمه المتظاهرة عليكم ، إن كنتم تعبدونه ، فتطيعونه فيما يأمركم به ، وتنتهون عما ينهاكم عنه ، والمراد بذلك الحث على اتباع أوامره والمداومة عليها.
وبعد أن أمرهم بالأكل من الطيبات بين لهم ما حرّم عليهم فقال :
(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) أي إنما حرم عليكم ربكم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح للأنصاب فسمى عليه بغير اسمه تعالى ، فإن ذلك من ذبائح من لا يحل أكل ذبيحته.
والخلاصة ـ إن ما سمى عليه غير الله عند الذبح سواء كان صنما أو وثنا أو روحا خبيثا من جن أو روحا طيبا من إنس كالنبى والولي حيا أو ميتا ، فأكله حرام لما جاء فى الحديث «ملعون من ذبح لغير الله» سواء سمى الله عند ذبحه أو لم يسم ، لأن هذا الحيوان قد انتسب إلى غيره تعالى ، فمن ذبح للسيد البدوي أو لإبراهيم الدسوقى أو للسيدة زينب لا يجوز أكل هذا الذبيح.