الموضّح للحق المزيل للشبهة ، والموعظة الحسنة : الدلائل الظنية المقنعة للعامة ، والجدل : الحوار والمناظرة لإقناع المعاند ، والعقاب فى أصل اللغة : المجازاة على أذى سابق ثم استعمل فى مطلق العقاب ، والضيق (بفتح الضاد وكسرها) الغم وانقباض الصدر.
المعنى الجملي
بعد أن زيّف سبحانه مذاهب المشركين فى إثبات الشركاء والأنداد لله ، وفى طعنهم فى نبوة الأنبياء والرسل بنحو قولهم : لو أرسل الله رسلا لأرسل ملائكة. وفى تحليلهم أشياء حرمها الله ، وتحريم أشياء أحلها الله ، وبالغ فى رد هذه المعتقدات. ختم السورة بذكر إبراهيم رئيس الموحدين الذي كان المشركون يفتخرون به ، ويقرّون بوجوب الاقتداء به ، ليصير ذكر طريقته حاملا لهم على الإقرار بالتوحيد والرجوع عن الشرك ، ثم بأمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلّم باتباعه ، ثم يجعل الأسس التي يبنى عليها دعوته هى الحكمة والموعظة الحسنة والجدل بالحسنى ، ثم بأمره باللين فى العقاب إن أراده ، أو بترك العقاب ، وهو أفضل للصابرين ، ثم بأمره بجعل الصبر رائده فى جميع أعماله ، ونهيه عن الحزن على كفر قومه ، وأنهم لم يجيبوا دعوته ، وأنهم يمكرون به ، فالله ينصره عليهم ويكفيه أذاهم ، فقد جرت سنته بأن العاقبة للمتقين ، والخذلان للعاصين الخائنين.
الإيضاح
(إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) مدح الله عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء ، ووالد الأنبياء بجملة صفات من صفات الكمال :
(١) إنه وحده كان أمّة ، قال ابن عباس رضى الله عنهما : إنه كان عنده عليه الصلاة