ثم أبان له الرسول أنه لا أمل فى ارعوائهم عن غيهم فقالوا :
(لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي قالت الملائكة للوط : وحياتك أيها الرسول إن قومك لفى ضلالتهم التي جعلتهم حيارى لا يعرفون ما أحاط بهم من البلاء ، ولا ماذا يصيبهم من العذاب المنتظر ، لما أصابهم من عمى البصيرة ، فهم لا يميزون الخطأ من الصواب ، ولا الحسن من القبيح.
ثم ذكر سبحانه عاقبة أمرهم فقال :
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) أي فنزل بهم العذاب المنتظر ، وأخذتهم الصاعقة وقت الشروق ، وكان ابتداؤها من الصبح وانتهاؤها حين الشروق ، ومن ثم قال أوّلا مصبحين وقال هنا مشرقين ، وأخذ الصيحة قهرها لهم وتمكنها منهم ، ومن ثمّ يقال للأسير أخيذ.
ثم بيّن كيفية أخذها لهم ولقريتهم فقال :
(فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها ، وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) أي فجعلنا عالى المدينة وهو ما على وجه الأرض سافلها فانقلبت عليهم وأمطرنا عليهم أثناء ذلك حجارة من طين متحجر ، وقد تقدم ذكر ذلك فى سورة هود.
وخلاصة ذلك ـ إنه تعالى أرسل عليهم ثلاثة ألوان من العذاب :
(١) الصيحة المنكرة الهائلة ، والصوت المفزع المخيف.
(٢) إنه قلب عليهم القرية ، فجعل عاليها سافلها.
(٣) إنه أمطر عليهم حجارة من سجيل.
ثم ذكر أن فى هذا القصص عبرة لمن اعتبر فقال :
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) أي إن فيما فعلناه بقوم لوط من الهلاك والعذاب لدلالات للمفكرين الذين يعتبرون بما يحدث فى الكون من عظات وعبر ، ويستدلون بذلك على ما يكون لأهل الكفر والمعاصي من عقاب بئيس بما كانوا يكسبون.
أخرج البخاري فى التاريخ والترمذي وابن جرير وابن أبى حاتم وأبو نعيم