وهو ما خالقهما ـ أخرج ذلك البخاري وسعيد بن منصور والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس من طرق عدة.
وبعد أن بين وظيفة الرسول ذكر أن الحساب على الأعمال موكول إلى الله لا إليه فقال :
(فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) أي فلنسألن الكفار جميعا سؤال تأنيب وتوبيخ لهم على ما كانوا يقولون ويفعلون فيما بعثناك به إليهم وفيما دعوناهم إليه من الإقرار بي وبتوحيدي والبراءة من الأنداد والأوثان ، روى أبو جعفر عن الربيع عن أبى العالية فى تفسير الآية قال : يسأل الله العباد كلهم عن خلّتين يوم القيامة عما كانوا يعبدون ، وعماذا أجابوا المرسلين.
وعن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «يا معاذ إن المرء يسأل يوم القيامة عن جميع سعيه حتى كحل عينيه ، وعن فتات الطينة بأصبعه ، فلا ألفينّك يوم القيامة وأحد غيرك أسعد بما آتاك الله منك».
وبعد أن ذكر أن وظيفته التبليغ شدّد عليه فى الجهر به جهد المستطاع فقال :
(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) أي فاجهر بإبلاغ ما أمرت به من الشرائع وواجه به المشركين ، ولا تلتفت إلى ما يقولون ، ولا تبال بهم ولا تخفهم. فإن الله كافيكهم ، وحافظك منهم.
ولما كان هذا الصدع شديدا عليه لكثرة ما يلاقيه من أذى المشركين ذكر أنه حارسه وكالئه منهم فلا يخشى بأسهم فقال :
(إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) أي إنا كفيناك شر المستهزئين الذين كانوا يسخرون منك ومن القرآن ، وهم طائفة من المشركين لهم قوة وشوكة ، كانوا كثيرى السفاهة والأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلّم حين يرونه أو يمر بهم ، أفناهم الله وأبادهم وأزال كيدهم ؛ وقد اختلف فى عدتهم ، فقوم يقولون هم خمسة : الوليد بن المغيرة والعاص ابن وائل وعدي بن قيس والأسود بن عبد يغوث والأسود بن عبد المطلب ، وقد ماتوا