(٢) وإما بأن يأتيهم بعذاب من السماء فجأة من حيث لا يشعرون كما صنع بقوم لوط.
(٣) وإما بأن يأخذهم بعقوبة وهم فى أسفارهم يكدحون فى الأرض ابتغاء الرزق ، وما هم بممتنعين عليه فائتين له بالهرب والفرار كما قال : «وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ» وقال صلى الله عليه وسلّم «إن الله تعالى ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته».
(٤) وإما بأن يخيفهم أولا ثم يعذبهم بعد ذلك ، بأن يهلك طائفة فتخاف التي تليها حتى يأتى عليهم جميعا ، ويكون هذا أشد عليهم إيلاما ووحشة.
وختم الآية بما ختم به ، لبيان أنه لم يأخذهم بعذاب معجّل ، بل آخذهم بحالات يخاف منها كالرياح الشديدة ، والصواعق والزلازل ، وفى ذلك امتداد وقت ، ومهلة يمكن فبها تلافى التقصير ، وهذا من آثار رحمته بعباده.
ثم ذكر آثار قدرته على خلقه فقال :
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ) أي ألم ينظر هؤلاء الذين مكروا السيئات إلى ما خلق الله من الأجسام القائمة ، كالأشجار والجبال التي تتفيأ ظلالها ، وترجع من موضع إلى موضع عن اليمين والشمائل ، فهى فى أول النهار على حال ثم تتقلص ، ثم تعود إلى حال أخرى فى آخر النهار ، مائلة من جانب إلى جانب ومن ناحية إلى أخرى ، صاغرة منقادة لربها ، خاضعة لقدرته.
ثم ذكر ما هو كالدليل لما سلف فقال :
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) أي ولله يخضع ما فى السموات وما فى الأرض مما يدب عليها ، وكذلك ملائكته الذين فى السماء وهم لا يستكبرون عن التذلل والخضوع له.
(يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) أي يخاف هؤلاء الملائكة