روى أن امرأة لوط أخبرتهم بأنه نزل بلوط ثلاثة من المرد ما رأينا قط أصبح منهم وجها ولا أحسن شكلا ، فذهبوا إلى دار لوطا طلبا لهم ، مظهرين اغتباطا وسرورا بهم.
ثم أخبر عن مقالة لوط لقومه حين رآهم يقصدون بهم السوء.
(قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) أي قال لوط لقومه : إن هؤلاء الذين جئتموهم تريدون منهم الفاحشة ضيفى ، وحقّ على الرجل إكرام ضيفه ، فلا تفضحونى فيهم ، وأكرمونى بترك التعرض لهم بمكروه.
ثم زاد النهى توكيدا بقوله :
(وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ) أي وخافوا الله فىّ وفى أنفسكم أن يحل بكم عقابه ، ولا تهينوئى فيهم بالتعرض لهم بالسوء ، وهذه الجملة آكد فى الغرض من سابقتها ، إذ التعرض للجار بعد حمايته والذبّ عنه أجلب للعار ، ومن ثم عبر عن لجاجهم ومجاهرتهم بمخالفته بالخزي ، وأمرهم بتقوى الله فى ذلك.
قأبانوا له أنه السبب فى الفضيحة وفى هذا الخزي :
(قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ؟) أي قال قومه له : أولم ننهك أن تضيف أحدا من العالمين أو تؤويه فى قريتنا؟ إذ هم كانوا يتعرضون لكل غريب بالسوء ، وكان لوط ينهاهم عن ذلك على قدر حوله وقوته ويحول بينهم وبين من يعرضون له ، وكانوا قد نهوه عن التعرض لهم فى مثل ذلك.
وخلاصة مقالهم ـ إن ما ذكرت من الخزي والفضيحة أنت مصدره ، والجالب له ، فلولا تعرضك لنا ، ما أصابك ما أصابك.
ولما رآهم متمادين فى غيهم ، لا يرعون عن غوايتهم ، ولا يقلعون عما هم عليه.
(قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) أي قال لوط لقومه : تزوجوا النساء ولا تفعلوا ما قد حرم الله عليكم من إتيان الرجال إن كنتم فاعلين ما آمركم به ، منتهين إلى أمرى ، وقد سمى نساء قومه بناته ، لأن رسول الأمة كالأبّ لهم كما قال تعالى : «النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ».