جاء فى أمثالهم (أعذر من أنذر) وإيماء إلى أن التلذذ والتنعم وعدم الاستعداد للآخرة والتأهب لها ـ ليس من أخلاق المؤمنين.
أخرج أحمد والطبراني والبيهقي عن عمرو بن شعيب مرفوعا قال : «صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين ، ويهلك آخرها بالبخل والأمل». وروى عن الحسن أنه قال : ما أطال عبد الأمل ، إلا أساء العمل ، وروى عن على أنه قال : إنما أخشى عليكم اثنتين ، طول الأمل واتباع الهوى ، فإن طول الأمل ينسى الآخرة ، واتباع الهوى يصدّ عن الحق.
وبعد أن هدد من كذب الرسول بقوله : ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل ، ذكر سر تأخير عذابهم إلى يوم القيامة وعدم التعجيل به كما فعل بكثير من الأمم السالفة فقال :
(وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) أي وما أهلكنا قرية من القرى بالخسف بها وبأهلها كما فعل ببعضها ، أو بإخلائها من أهلها بعد إهلاكهم كما فعل بأخرى ، إلا ولها أجل مقدر مكتوب فى اللوح المحفوظ لا ينسى ولا يغفل عنه ولا يتقدم عن وقته ولا يتأخر.
وخلاصة ذلك ـ إننا لو شئنا لعجلنا لهم العذاب فصاروا كأمس الدابر ، ولكن لكل أجل كتاب ، وشأننا الإمهال لا الإهمال.
وبعد أن بين سبحانه أن الأمم المهلكة كان لكل منهم وقت معين لهلاكهم بحسب ما هو مكتوب فى اللوح ـ بين أن كل أمة منهم ومن غيرهم لها أجل لا يمكن التقدم عليه ولا التأخر عنه فقال :
(ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) أي لا يجىء هلاك أمة قبل محىء أجلها ، ولا يتأخر الهلاك متى حل الأجل.
وفى هذا تنبيه لأهل مكة وارشاد لهم إلى الإقلاع عما هم عليه من الشرك والإلحاد