فنخرج كما خرجوا ، قال ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ـ الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ، ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين».
ونحو الآية قوله تعالى : «وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ». قال الزجاج : إن الكافر كلما رأى حالا من أحوال العذاب ورأى حالا من أحوال المسلم ودّ أن لو كان مسلما.
وقصارى ذلك ـ قد يتمنى الذين كفروا لو كانوا مسلمين حينما يعاينون العذاب وقت الموت : «والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون» وفى الموقف حينما يرون هول العذاب وقد انصرف المسلمون إلى الجنة وسيقوا هم إلى النار ، والمسلمون المذنبون عذّبوا بذنوبهم ثم خرجوا منها وبقي الكافرون فى جهنم.
وقد جاءت (ربما) للتقليل على سنة العرب فى نحو قولهم : ربما تندم على ما فعلت ، ولعلك تندم على ما فعلت ، لا يقصدون التقليل فى نحو ذلك ، وإنما يريدون أن الندم لو كان مشكوكا فيه أولو كان قليلا لحق عليك ألا تفعل هذا الفعل ، إذ العاقل يتحرز من التعرض للغم المظنون كما يتعرض للغم المتيقن ، ويبتعد عن القليل منه كما يبتعد عن الكثير.
(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) أي دعهم أيها الرسول فى غفلاتهم يأكلون كما تأكل الأنعام ، ويتمتعون بلذات الدنيا وشهواتها ، وتلهيهم الآمال عن الآجال ، فيقول الرجل منهم غدا سأنال ثروة عظيمة ، وأحظى بما أشتهى ، ويعلو ذكرى ، ويكثر ولدي ، وأبنى القصور ، وأكثر الدور ، وأقهر الأعداء ، وأفاخر الأنداد ، إلى نحو ذلك مما يغرق فيه من بحار الأمانى والآمال وطلب المحال.
ثم علل الأمر بتركهم بقوله :
(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) سوء صنيعهم إذا هم عاينوا سوء جزائهم ، ووخامة عاقبتهم وفى هذا وعيد بعد تهديد ، وإلزام لهم بالحجة ومبالغة فى الإنذار ، وقد