ما سواه فهو فى حاجة إليه فى وجوده وبقائه ، كيف يعقل أن يكون لامرئ رغبة أو رهبة من غيره؟
ولما بين أن الواجب ألا يتقى غير الله ـ ذكر أنه يجب ألا يشكر إلا هو فقال :
(وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) أي وما بكم من نعمة فى أبدانكم من عافية وصحة وسلامة ، وفى أموالكم من نماء وزيادة ، فالله هو المنعم بها عليكم ، والمتفضّل بها لا سواه ، فبيده الخير وهو على كل شىء قدير ، فيجب عليكم أن تشكروه على هذه النعم المتواصلة ، وإحسانه الدائم الذي لا ينقطع.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم |
|
فطالما استعبد الإنسان إحسان |
(ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) أي ثم إذا أصابكم فى أبدانكم سقم ومرض أو حاجة عارضة ، أو شدة وجهد فى العيش ووسائل الحياة ، فإليه تصرخون بالدعاء وتستغيثون به ليكشف ذلك عنكم ، علما منكم أنه لا يقدر على إزالة ذلك إلا هو.
(ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) أي ثم إذا وهب لكم ربكم العافية ، ورفع عنكم ما أصابكم من مرض فى أبدانكم ، أو شدة فى معاشكم ، بتفريج البلاء عنكم ، إذا جماعة منكم يجعلون لله شريكا فى العبادة ، فيعبدون الأوثان ، ويذبحون لها الذبائح ، شكرا لغير من أنعم بالفرج ، وأزال من الضر.
ونحو الآية قوله : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً).
قال السيد الآلوسى فى تفسيره : وفى الآية ما يدل على أن صنيع العوام اليوم من الجؤار إلى غير الله تعالى ممن لا يملك لهم بل ولا لنفسه نفعا ولا ضرا ـ عند إصابة الضر بهم وإعراضهم عن دعائه تعالى بالكلية ـ سفه عظيم وضلال جديد