والسلام من الخير ما كان عند أمة ، فهو رئيس الموحّدين ، كسر الأصنام ، وجادل الكفار ، ونظر فى النجوم ، ودرس الطبيعة الكونية ، ليطمئن قلبه بالإسلام.
(٢) إنه كان قانتا أي مطيعا لله قائما بأمره.
(٣) إنه كان حنيفا أي مائلا عن الباطل ، متّبعا للحق ، لا يفارقه ولا يحيد عنه.
(٤) إنه ما كان من المشركين فى أمر من أمور دينهم ، بل كان من الموحّدين فى الصغر والكبر ، فهو الذي قال للملك فى عصره «رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ» وهو الذي أبطل عبادة الأصنام والكواكب بقوله : «لا أحبّ الآفلين» وكسر الأصنام حتى ألقوه لأجلها فى النار فكانت عليه بردا وسلاما.
وعلى الجملة فقد كان غارقا فى بحار التوحيد مستغرقا فى حب الإله المعبود ، وفى ذلك ردّ على كفار قريش إذ قالوا نحن على ملة إبراهيم ، وعلى اليهود الذين أشركوا وقالوا عزيز ابن الله ، مع زعمهم أن إبراهيم كان على مثل ما هم عليه.
ونحو الآية قوله : «ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ».
(٥) إنه كان شاكرا لأنعم الله عليه كما قال : «وإبراهيم الّذى وفّى» أي قام بجميع ما أمره الله تعالى به ، وفى هذا تعريض بكفار قريش الذين جحدوا بأنعم الله فأصابهم الجوع والخوف كما تقدم ذكره فى المثل السابق.
(٦) إنه اجتباه ربه واختاره للنبوة كما قال : «ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنّا به عالمين».
(٧) إنه هداه إلى صراط مستقيم ، وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، مع إرشاد الخلق إلى ذلك والدعوة إليه.
(٨) إن الله حبّبه إلى جميع الخلق ، فجميع أهل الأديان ، مسلميهم ونصاراهم ويهودهم يعترفون به ، وكفار قريش لا فخر لهم إلا به ، وقد أجاب الله دعاءه فى قوله «واجعل لى لسان صدق فى الآخرين».