يومى هذا ـ وقد صدق فكل من أفتى بخلاف ما فى كتاب الله وسنة رسوله لجهله بما فيهما فقد ضل وأضل من يفتيهم ، ولله در القائل :
كبهيمة عمياء قاد زمامها |
|
أعمى على عوج الطريق الحائر |
أخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : «عسى رجل يقول إن الله أمر بكذا أو نهى عن كذا فيقول الله عزّ وجلّ كذبت ، أو يقول إن الله حرم كذا أو أحل كذا فيقول الله له كذبت».
ثم أوعد المفترين وهددهم أشد التهديد فقال :
(إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) أي إن الذين يتخرّصون الكذب على الله فى أمورهم صغيرها وكبيرها لا يفوزون بخير فى المطالب التي لأجلها كذبوا على ربهم ، إذ هم متى عرفوا بالكذب مجّهم الناس وانصرفوا عنهم وعاشوا أذلة بينهم ممقوتين ، ويكونون مضرب الأمثال فى الهوان والصغار ـ إلى ما يصيبهم من الخزي والوبال يوم القيامة.
ثم بين أن ما يحصل لهم من المنافع بالافتراء على الله ليس شيئا مذكورا إذا قيس بالمضارّ التي تنجم منه فقال :
(مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي إن المنافع التي قد تحصل لهم على ذلك فى الدنيا لا يعتدّ بها فى نظر العقلاء إذا ووزن بينها وبين المضارّ التي فى الآخرة ، فما متاع الدنيا إلا ظل زائل ثم يفنى ويبقى لهم العذاب الأليم حين مصيرهم إلى ربهم بما اجترحوا من السيئات ، ودنّسوا به أنفسهم من أو ضار الإثم والفجور والكذب على بارئهم الذي خلقهم وصوّرهم فأحسن صورهم.
ونحو الآية قوله : «نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ».
وبعد أن بين ما يحل وما يحرم لأهل الإسلام أتبعه ببيان ما خص به اليهود من المحرمات فقال :
(وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) أي وحرمنا من قبلك