الظالمون : أي الظالمون لأنفسكم بغفلتكم عن آلهتكم وعدم حفظكم إياها ، ويقال نكسته : أي قلبته فجعلت أعلاه أسفله ، والمراد أنهم بعد أن أفروا أنهم ظالمون انقلبوا من تلك الحال إلى المكابرة والجدل بالباطل.
الإيضاح
(قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا؟) أي قال قوم إبراهيم على سبيل التوبيخ والتأنيب حين رأوا آلهتهم قد صارت جذاذا إلا الذي علق فيه إبراهيم الفأس : من كسر هذه الآلهة وجعلها هكذا؟.
وفى تعبيرهم بالآلهة دون الأصنام تشنيع ومبالغة فى اللوم والتعنيف.
(إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) أي إنه لمن زمرة الذين ظلموا أنفسهم وجرءوا على إهانة هذه الآلهة ، وهى الحفيّة بالإعظام والتكريم.
(قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) أي قال بعض منهم ممن سمع قوله تالله لأكيدن أصنامكم : سمعنا فتى يعيهم ويستهزىء بهم ولم نسمع أحدا يقول ذلك غيره ، وإنا لنظن أنه صنع ذلك بهم.
(قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ) أي قال أولئك القائلون من فعل هذا بآلهتنا : إذا كان الأمر كما ذكرتم فأتوا به بمرأى من الناس ومسمع.
(لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) أنه الذي فعل ذلك ، فتكون شهادتهم عليه حجة لنا.
(قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ؟) أي فلما أتوا به قالوا له أأنت الذي كسر هذه الأصنام وجعلهم جذاذا؟ وقد طلبوا منه الاعتراف بذلك ليقدموا على إيذائه وهم مقتنعون بصحة هذه الجريمة فى زعمهم ، فما كان منه إلا أن بادرهم بما أدهشهم حتى تمنّوا الخلاص منه فقال :
(بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) أي قال : بل الذي فعل هذا هو الصنم الأكبر الذي لم يكون