(قُلْ لا تُقْسِمُوا) أي قل لهم : لا تحلفوا ، فإن العلم بما أنتم عليه لا يحتاج إلى قسم ويمين لوضوح كذبه.
ثم علل النهى عن الحلف بقوله :
(طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) أي لا تقسموا لأن طاعتكم معروفة لنا ، فهى طاعة باللسان فحسب من غير مواطأة القلب لها ، ولا يجهلها أحد من الناس.
ونحو الآية قوله : «يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ» وقوله : «اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ».
ثم هددهم وتوعدهم على أيمانهم الكاذبة وأنه مجازيهم على أعمالهم السيئة ، ولا سيما ذلك النفق المفضوح فقال :
(إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أي إنه تعالى لا تخفى عليه خافية من ظاهر أعمالكم وخافيها ، فيعلم ما تظهرونه من الطاعة المؤكدة بالأيمان الكاذبة ، وما تبطنونه من الكفر والنفاق والعزيمة على مخادعة المؤمنين ونحو ذلك من أفانين الشر والفساد التي دبّرتموها.
ولما نبه سبحانه إلى خداعهم وأشار إلى عدم الاغترار بأيمانهم ـ أمر بترغيبهم وترهيهم مشيرا إلى الإعراض عن عقوبتهم بقوله :
(قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) أي مرهم باتباع كتاب الله وسنة رسوله ، وفى هذا إيماء إلى أن ما أظهروه من الطاعة ليسوا منها فى شىء.
ثم أكد الأمر السابق ، وبالغ فى إيجاب الامتثال به ، والحمل عليه بالترغيب والترهيب بقوله :
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) أي فإن تتولوا عن الطاعة بعد أن أمركم الرسول بها ، فما ضررتم الرسول بشىء ، بل ضررتم أنفسكم ، لأنه عليه