كما يقال فلان يأكل من حرفة يحترفها ، ومن تجارة يتربح بها أي إنها طعمته وجهته التي منها يحصّل رزقه.
(وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) أي وأنشأنا لكم شجرة الزيتون التي تنبت فى هذا الجبل بتلك البقعة المباركة ، وتثمر زيتونا تصنع منه الزيوت التي يدّهن بها ، وتتخذ إداما للآكلين.
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢))
المعنى الجملي
بعد أن ذكرنا سبحانه بنعمة إنزال الماء من السماء الذي ينبت به جنات النخيل والأعناب والفواكه المختلفة والزيتون ـ أردفها ذكر النعم المختلفة التي سخّرها لنا من خلق الحيوان.
الإيضاح
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً) أي إن فى خلق الأنعام لعبرة فضلا عن كونها نعمة ، ووجه العبرة فيها أن الدم المتوالد من الأغذية يتحول فى الغدد التي فى الضّرع إلى شراب طيب لذيذ الطعم صالح للتغذية ، وهذا من أظهر الدلائل على قدرة الخالق لها.
ثم فصّل منافعها وذكر منها أريعا فقال :
(١) (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها) فتنتفعون بألبانها على ضروب شتى ، فتتخذون منها الققشدة والسمن والجبن ونحوها.
(٢) (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ) فتأخذون أصوافها وأشعارها وأوبارها ، وتتخذونها ملابس وفرشا للدفء وبيوتا فى الصحارى ونحوها مما يجرى هذا المجرى.
(٣) (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) أي وتأكلون منها بعد ذبحها ، فكما انتفعتم بها وهى حية تنتفعون بها بعد الذبح بالأكل.