ألا يدخلوا بيوت غيرهم إلا بعد الاستئذان والسلام حتى لا يطلعوا على عورات سواهم ، ولا ينظروا إلى ما لا يحل لهم النظر إليه ، ولا يقفوا على الأحوال التي يطويها الناس فى العادة ، ويتحفظون من اطلاع أحد عليها إلى أن فى هذا تصرفا فى ملك غيرك فلابد أن يكون برضاه.
وينبغى أن يكون الاستئذان ثلاث مرات ، فإن أذن له دخل وإلا انصرف ، فقد ثبت فى الصحيح أن أبا موسى الأشعري حين استأذن على عمر ثلاثا فلم يؤذن له انصرف ، ثم قال عمر : ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس (يعنى أبا موسى) يستأذن؟
ائذنوا له فطلبوه فوجدوه قد ذهب ، فلما جاء بعد ذلك قال ما أرجعك؟ قال إنى استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لى ، وإنى سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول : «إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فلينصرف».
(ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي الاستئذان والتسليم والانتظار حتى يؤذن لكم خير من الدخول بغتة أو من الدخول على عادة الجاهلية ، فقد كان الرجل منهم إذا أراد أن يدخل بيتا غير بيته يقول حيّيتم صباحا ، حيّيتم مساء ، ثم يدخل فربما أصاب الرجل مع امرأته فى لحاف واحد.
وقد أرشدكم ربكم إلى ذلك كى تتذكروا وتتعظوا وتعملوا بما أمرتم به.
(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) أي فإن لم تجدوا فيها أحدا ممن يملك الإذن ، بأن كان فيها عبد أو صبى فلا تدخلوها حتى يأذن لكم من يملكه وهو رب الدار.
وقد استثنى من ذلك ما إذا دعت الضرورة إلى الدخول فورا كإطفاء حريق أو منع حدوث جناية أو نحو ذلك.
(وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ) أي وإن قال لكم أهل البيت تستأذنون فيه ارجعوا فارجعوا ، فإن الرجوع أطهر لكم فى دينكم ودنياكم ، لأن رب الدار قد يستوحش ويتأذى بوقوف غيره على بابه بعد منع الاستئذان ،