ثم أمره أن يستعيذ من حيل الشياطين وأن يحضروه فى أي عمل من أعماله ، ولا يكون كالكافرين الذين قبلوا همزها وأطاعوا وسوستها ، حتى إذا ما حان وقت الاحتضار تمنّوا أن يعودوا إلى الدنيا ليعملوا صالحا ، وإنه لا يسمع لمثل هؤلاء دعاء ، فإنه لارجعة لهم بعد هذا ، وأمامهم حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم البعث.
الإيضاح
(قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ. رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي قل رب إن عاقبتهم وأنا مشاهد ذلك فلا تجعلنى فيهم ، ولا تهلكنى بما تهلكهم به ، ونجّنى من عذابك وسخطك ، واجعلنى ممن رضيت عنهم من أوليائك.
وفى أمره بذلك إيماء إلى أن العذاب قد يلحق غير من هو أهل له كما قال : «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً».
روى الإمام أحمد والترمذي أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يدعو «وإذا أردت بقوم فتنة فتوفّنى إليك غير مفتون».
(وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ) أي وإنا أيها الرسول لقادرون على أن نريك ما ننزله بهم من العذاب ، فلا يحزننك تكذيبهم بك ، وإنما تؤخره حتى يبلغ الكتاب أجله ، علما منا أن بعضهم أو بعض أعقابهم سيؤمن ، ومن جزاء ذلك لا نستأصلهم ولا نمحو آثارهم.
ثم أرشده إلى ما يفعل بهم إذا لحقه أذاهم فقال :
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ) أي ادفع الأذى عنك بالخصلة التي هى أحسن ، بالإغضاء والصفح عن جهلهم والصبر على أذاهم وتكذيبهم بما أتيتهم به من عند ربك ، ونحن أعلم بما يصفوننا به ، وينحلونه إيانا من الاختلاق والأكاذيب ،