فما تستطيعون صرف العذاب عن أنفسكم ولا تجدون من ينصركم ويدفع عقاب الله عنكم والخلاصة ـ إنكم لا تستطيعون النجاة ، لا بالهرب ولا بالانتصار لأنفسكم ، فأنتم معذبون لا محالة.
ثم عمم سبحانه الحكم وخاطب جميع المكلفين فقال :
(وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) أي ومن يكفر منكم أيها المكلفون فيعبد الله إلها غيره كهؤلاء الذين كذبوا بيوم القيامة ـ نذقه فى الآخرة عذابا كبيرا بقدر قدره ، ولا تصل العقول إلى معرفة كنهه.
(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر مقالتهم التي طعنوا فيها على رسوله بقولهم : «ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ» زاعمين أن هذا مما لا ينبغى للرسول أن يفعل مثله ـ أردن ذلك الاحتجاج عليهم بأن محمدا ليس بدعا فى الرسل ، فكلهم كانوا يفعلون فعله.
وفى هذا تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم وتصبير له على أذاهم.
ثم بين أن سنته أن يبتلى بعض الناس بعض ، فيبتلى الفقراء بالأغنياء ، والمرسلين بالمرسل إليهم ، فيناصبوهم العداء وعودهم ، ليعلم أيّهم يصبر وأيهم يجزع؟ وهو البصير بحال الصابرين وحال الجازعين.