أي أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد ، كرامة لهم علينا وإجلالا لأقدارهم عندنا ـ كلا ، إن هذا الإمداد ليس إلا استدراجا فى المعاصي ، واستجرارا لهم إلى زيادة الإثم ، وهم يحسبونه مسارعة فى الخيرات ، إذ هم أشبه بالبهائم لا فطنة لهم ولا شعور حتى يتفكروا فى أنه ـ استدراج هو أم مسارعة فى الخيرات؟
ونحو الآية قوله تعالى حكاية عنهم : «وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ» وقوله : «فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» وقوله : «إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً».
قال قتادة فى تفسير الآية : مكر الله بالقوم فى أموالهم وأولادهم. يا ابن آدم لا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم ، ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح.
وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال : قال صلّى الله عليه وسلم : «إن الله قسم بينكم أخلاقكم ، كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطى الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطى الدين إلا من أحب ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبّه ، والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه ، قالوا وما بوائقه يا رسول الله؟ قال : غشّه وظلمه».
(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠) أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١))
تفسير المفردات
الخشية : الخوف من العقاب ، والإشفاق نهاية الخوف والمراد لازمه ، وهو دوام الطاعة ، والآيات : هى الآيات الكونية فى الأنفس والآفاق والآيات المنزلة ، وجلة : أي خائفة ، سابقون : أي ظافرون بنيلها.