أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فأشفعك ، ليتبين لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ومكانتك عندي فمن قرأت بين عينيه مؤمناً فجذبت بيده وأدخلته الجنَّة (١). إذن لا يبقى أي أشكال في كون فاطمة سيدة نساء الجنّة وسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ولا تنافي في كون مريم قد دعمها القرآن الكريم وإن الله قد اصطفاها فإن ذلك كان في زمانها ولا يمتد إلى زمان الصديقة الطاهرة فاطمة عليهاالسلام ، هذا من جهة اصطفاء مريم وكيفية التوفيق بين ذلك ، أمَّا بالنسبة للمعجزة الربانيِّة التي خصت بها مريم عليهاالسلام والكرامة التي أعطاها الله تبارك وتعالى إياها وهي إنها ولدت عيسى من غير أب عيسىٰ عليهالسلام ، وإنه نبي من الأنبياء ، وهذا غير موجود في الصديقة فاطمة عليهاالسلام ولم يقع لها بل ولدت الحسن والحسين وزينب عليهاالسلام بالطريقة الطبيعية فتكون مريم مفضلة علىٰ فاطمة فيكون الجواب علىٰ ذلك :
إننّا لا نتصور ولا نصدق علىٰ أن يكون هذا دليلاً علىٰ أفضلية مريم عليهاالسلام لماذا ؟ لأنّه بالنسبة لولادتها لعيسىٰ عليهالسلام وحملها به من غير أب يكون وحسب رأينا القاصر لسببين :
١ ـ إن مريم عليهاالسلام حملت بعيسىٰ بهذه الطريقة لأنَّه لم يكن في بني إسرائيل كفوء لها فمن من بني إسرائيل يستحق أن يكون زوجاً للقديسة الطاهرة وأباً لعيسىٰ عليهالسلام هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إنَّها نذرت نفسها لخدمة بيت الله آنذاك ولذلك كان اصطفاءها من قبل الله تعالى والدليل على عدم وجود كفوء لها إنها عندما حملت بعيسىٰ وولدته فقدوها بني إسرائيل في المحراب فخرجوا في طلبها وخرج زكريا فأقبلت مريم وعيسىٰ في صدرها وأقبلت مؤمنات بني إسرائيل يبزقن في وجهها فلم تكلمهن حتى دخلت في محرابها فجاء إليها بنو إسرائيل وزكريا فقالوا لها ( يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) أي شيئاً عظيماً في المناهي ( يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ) ومعنى قولهم يا أخت هارون إن هارون هل كان رجلا فاسقاً زانياً فشبهوها به يعني أين هذا البلاء الذي جئت به والعار الذي ألزمته بني
__________________
(١) البحار : ٨ / ٥١.