على الأكثر ، وذلك ان ما يكون من تلقاء نفسه ومن الاتفاق الذي يجعله هو سببا قريبا لحدوث الأشياء فإنه إنما يكون سببا لما يحدث على الأقل. فما السبب عنده يا ليت شعري في أن يكون من الإنسان أبدا إنسان دائما ومن الحنطة حنطة لا زيتونة وما السبب في ان صارت أعظام المتكونات من الاسطقسات محدودة في نوع نوع وجنس جنس. وذلك ان الاجتماع الذي يكون على طريق الجزاف كما يقول ليس يكون سببا لحدوث هذه الأشياء الذي يخص كل واحد منها ضربا من التركيب والنسبة توجد دائما في واحد واحد منها ومحفوظا. ولا يمكنه أيضا أن يقول أن سبب هذا التركيب الخاص بموجود موجود هو الاسطقسات ولا المحبة ولا العداوة وذلك ان المحبة إنما هي عنده سبب الاجتماع والعداوة سبب الافتراق فاما الأسطقسات فهي المجتمعة والمفترقة ، فلم يقل إذن شيئا في (١) أمر طبيعة الأشياء [...] فإن وجود هذه الأشياء إنما هو على جهة الأفضل والأولى لا على جهة الاختلاط والجزاف الذي يحمده هو. ومن الشنيع أيضا أن تكون الأسطقسات والمحبة عنده أقدم من الآلهة. وذلك أن الآلهة عنده هي الكرة السماوية ، وهي مركبة عنده من الاسطقسات واجتماعها عن المحبة ولذلك يذم العداوة إذ كانت عنده مفسدة للآلهة ومفرقة لها. وقد يلزم أن تكون المحبة مفرقة وذلك أنها إذا كانت سبب اختلاط الأسطقسات فهي السبب في زوال فصولها وذلك تفريق لا جمع. وكذلك أيضا لم يأت في أمر الحركة بشيء ولا قال في طبيعتها قولا فإنه ليس يكفي معرفة طبيعتها أن يقال ان
_________________
١ ـ [سبب اختلاط واجتماع] غير واضحة.