يجب في الشيء النامي أن يكون ثابتا ، إذ كان ذلك احد الاوائل الموجودة له ، وكانت المادة سائلة والصورة ثابتة ، فقولنا ان الشيء ينمو في كل جزء منه إنما نذهب فيه إلى الشيء الذي يتنزل منه منزلة الهيولى ، وذلك أن الهيولى غير ثابتة ، والنامي ينبغي أن يكون ثابتا. وإنما يتصور حال الصورة في ذلك مع الهيولى ، أعني في ثبوت الصورة وتبدل الهيولى ، منزلة المكيال مع الشيء الذي يكال به فإن المكيال هو واحد بعينه والشيء الذي يكال به ، بمنزلة الحنطة والشعير هو شيء واحد بعد آخر ، ولو تصورت مكيالا يعظم حينا لما يدخل فيه ويصغر حافظا لشكله ، لكانت قد تصورت حال الصورة في نموها مع الهيولى وتصور الامرين جميعا إذا تصورت شعبا من جلد مرة يجري فيه ماء قليل فينقص ومرة يجري فيه ماء كثير فيعظم ، وهو في كلا الأمرين حافظ لشكله ، وعلى هذا ينبغي أن يتصور النمو في هيولى اللحم والعظم.
١٣ ـ قال :
وعلى هذا النحو لا يلزم أن تكون الزيادة شائعة في جميع أجزاء المادة ، إذ كان بعضها يذهب وبعضها يدخل من خارج ، حتى يضطر إلى القول بجواز مداخلة جسم جسما او القول بوجود الخلاء في الجسم النامي فلو كانت المادة هي الثابتة لكان يلزم في النمو اما ان يداخل جسم جسما واما أن يوجد خلاء.
١٤ ـ قال :
والوقوف على أن النامي إنما ينمو في كل جزء من أجزاء الصورة يكون أظهر في الاعضاء الآلية ، إذ كانت الصورة فيها أظهر. مثال ذلك اليد فإنك إذا تأملتها تجدها قد نمت في جميع أجزائها حافظة