وإما أن فسدا جميعا فليسا (١) بموجودين فضلا عن أن يكونا مختلطين ، وإذا كان الأمر هكذا ، فليس هاهنا مخالطة.
وهذا الشك يستدعي معرفة الفرق بين المخالطة والكون والفساد وبين الأشياء المختلطة والأشياء الثابتة الغير المختلطة. وأما الفرق بين الاختلاط والكون والفساد فبيّن بنفسه فإنا نقول في الخشبة إذا تغيرت وانقلبت إلى النار إنها تكونت نارا ، ولا نقول إنها اختلطت بالنار ولا النار بالخشبة بل نقول إن الخشبة فسدت وإن النار تكونت. وكذلك يبين الفرق أيضا بين الاختلاط والنمو ، وذلك انا لسنا نقول أن الغذاء اختلط بالبدن ولا البدن بالغذاء ، إذ كان الغذاء يفسد والبدن باق على حاله كما قيل في أحد أقسام الشك. وكذلك أيضا الفرق بين الاختلاط وبين الاستحالة بيّن ، فإنا نقول ان الجسم استحال أبيض بعد أن كان أسود ولا نقول أن البياض اختلط بالجسم / ولا الجسم بالبياض. وبالجملة فليس يمكن أن تختلط الصور والكيفيات بالأجسام الحاملة لها ولا يمكن أيضا [أن] تختلط الصور والكيفيات أنفسها بعضها ببعض ، كأنك قلت البياض بالمعرفة (٢). ولذلك نقول أن أنكساغورش قد اخطأ في قوله إن جميع الأشياء المحسوسة هي كلها معا ومختلطة ، إذ كان ليس يمكن أن يختلط كل شيء بكل شيء. وإذا كان المختلطان ليس أحدهما فاسدا ولا كلاهما فاسدان ولا هما في حال الاختلاط شيئان ثابتان كما كانا قبل الاختلاط ، فواجب أن يكون المختلطان من جهة موجودين ومن جهة غير
__________________
١ ـ فليسا مني؛ فليس : ب ، أ. م.
٢ ـ كلمة غير واضحة.