موجودين ولما كنا نقول أن بعض الموجودات بالقوة وبعضها بالفعل فقد نرى أن المختلطين في حال الاختلاط هما : إما بالفعل ، فإن المتولد منها هو غير المختلطين قبل أن يختلط ، وإما بالقوة فكل واحد منهما موجود كما كان قبل أن يختلطا ولذلك ما نقول انهما لم يفسدا (١) على / التمام ولا بقيا على أحوالهما قبل الاختلاط. وبهذا ينحل الشك المتقدم ، فإن هذه الجهة [هي] التي أغفلوها في التقسيم ، والدليل على ذلك أنا نجد المختلطين إنما يختلطان من شيئين كانا قبل الاختلاط مفترقين ثم إنهما بعد الاختلاط قد يمكن أن يعودا مفترقين. فليس نقدر أن نقول إنهما بعد الاختلاط باقيان بحالهما قبل الاختلاط وإلاّ كان اسم الاختلاط صفرا لا معنى له. ولا نقدر أيضا أن نقول إنهما فسدا إلى النهاية ولا واحد منهما ، إذ كانا نجدهما يفترقان ، فقد لزم أن الاختلاط معنى موجود ضرورة. وقد ينبغي أن نقول ما هو ونبدأ بالشكوك التي تعرض في معرفة ما هو الاختلاط الحقيقي فنقول :
إن الاختلاط لا يخلو أن يكون إما شيئا عرض من باب الكيفية والصورة أو شيئا عرض من باب الكمية؛ ثم إن كان شيئا عرض من باب الكمية ، فلا يخلو ذلك أيضا من وجهين أحدهما أن يكون الاختلاط هو أن ينقسم كل واحد من المختلطين إلى أجزاء صغار كل واحد منهما حافظ لطبيعة الشيء الذي هو جزء منه ثم تتداخل هذه الأجزاء بعضها على بعض ويقع بعضها / إلى جانب بعض أي جزء اتفق إلى جانب أي جزء اتفق حتى يعسر لذلك على الحس التفريق
_________________
١ ـ إنهما لم يفسدا (منّي) : ؛ في الأصل إنها لم تفسد.