وقوم قالوا إنها ثلاثة بمنزلة من قال إنها النار والأرض والهواء؛ وقوم قالوا إنها الأربعة بعينها بمنزلة ابن دقليس فإنه يرى أن الأسطقسات هي هذه الأربعة ، وان الكون والفساد يعرض للأمور من اجتماعها وافتراقها لا باستحالتها.
٢٦ ـ قال :
فأما القول بأن الأوائل التي عنها يلحق الكون والفساد جميع الموجودات كيف ما كان ، أعني كان اجتماعا أو افتراقا أو على وجه آخر غير ذلك واجب أن يسمى أسطقسات ومبادئ ، فذلك أمر متفق عليه. فأما كم عدد هذه المبادئ وكيف ترتيبها في التقدم والتأخر فأمر غير بيّن بنفسه فأما من جعل لهذه الأربعة الأجسام مادة أقدم منها وجعلها جسمانية وبالفعل فهو مخطئ. وذلك أن كل جسم موجود بالفعل فليس يكون خلوا من وجود المتضادة فيه وإذا لم يكن لهذا الجسم الخامس فصلا إلا أحد الفصول الموجودة لهذه الأربعة ، فهو واحد منها ضرورة وسواء فرض هذا الجسم متناهيا أو غير متناه كما يقول به قوم ، وذلك أنه يجب ضرورة أن يكون هذا الجسم الخامس إما ثقيلا وإما خفيفا وإما باردا وإما حارا.
وأما أفلاطون في كتاب طيماوس فإنه وضع لهذه الأجسام الأربعة هيولى أقدم منها ، إلاّ أنه لم يصرح في أمر هذه الهيولى هل هي موجودة بالفعل أم لا ، ولا قال في ذلك قولا بيّنا أكثر مما قال فيه إنه قابل للكل ولا استعمله في سائر الموجودات ولا أعطى سببا يظهر فيها وإنما قال إن هاهنا موضوعا متقدما على الأجسام التي تسمى الأسطقسات كما أن الذهب متقدم على الحلى الذي يصاغ من