الجنة قد أحدث كل واحد منهم ما يخالف شريعد الله واحكام دينه من فرائضه وسنن رسوله ، وذلك مثل ما شرحناه من بدع الثلاثة وما قد ارتكبوه من المسلمين وأحدثوه من الفساد في الدين فطرقوا به سبل الضلالة ومناهج الجور لكل من اقتفى آثارهم من بعدهم وسلك سبيلهم ، واما الستة الباقون من التسعة فمنهم طلحة والزبير اللذان ارتكبا من رسول الله (ص) في هتك حريمه مالا يرتكبه منه كافر ولا مشرك بقصدهما اخراج حرمته يسيران بها بين العساكر في البراري والفلوات غير مبالين في ذلك ولا متحرجين مع ما قد أجمع اهل الخبر عليه من الرواية ان رسول الله (ص) قد أعلم طلحة والزبير واعلم عائشة زوجته أنهم سيقاتلون عليا صلوات الله عليه ظالمين له فلم يردهم ذلك من قول رسول الله (ص) عن محاربتهم عليا عليه السلام الا ظلما واعتداء وعن سفك ما سفك منهم من الدماء وتلك الدماء كلها في عنقيهما وعنق عائشة جميعا ، وقد زعم الجهال منهم ان الزبير قتل تائبا قتله عمر بن جرموز اعتيالا في رجوعه الى مكة تائبا فقال لهم اهل الدين والتمييز ان ذلك من الزبير لم تكن توبة له لانه اورد الذين جلبهم للحرب مورد الحرب (١) وقذف بهم مناهج الضلالة وحرضهم على محاربة صاحب الحق ودعاهم الى ذلك فكانت تربته ان يقوم في القوم مناديا بظلمه واعتدائه ويعلم من كان معه على رأيه هذا بالظلم ليرجعوا برجوعه ثم يصير بعد ذلك الى امامه علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام فيضع يده بيده وينصرف بين امره ونهيه فلما لم يفعل ذلك كان ممن حقت عليهم كلمة الرسول (ص) حين قال (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) وكان الزبير في أول أمره محاربا له ومعاديا
__________________
(١) الحرب هنا بفتح الراء المهملة بمعنى الهلاك ، ولعمري أي هلاك اوردهم للزبير مورده فكم نفوس هلكت ودما اريقت في حرب البصرة وفتنة الجمل
(الكاتب)