فإن عصا الإسلام قد رضيت به |
|
جماعته الأولى برأي أبي بكر |
فإن كنتم منهم فطوعا لأمره |
|
وإلّا فأنتم من مخافته صعر |
فنحن لكم حتى نقيم صعوركم (١) |
|
بأسيافنا الأولى وبالذبل السّمر |
رويدكم إنّ السيوف التي بها |
|
ضربناكم فدا بأيماننا تبري |
أبعد التي بالأمس كنتم غويتم |
|
لها يبغون الغير من فرط الصغر |
وكان لهم في غيّ أسود عبرة |
|
وناهية عن مثلها آخر الدّهر |
تلعّب فيكم بالنساء ابن عبّه |
|
وبالقوم حتى نالهنّ بلا مهر |
فإن تسلموا فالسّلم خير بقيّة |
|
وإن تكفروا تستوبلوا غبّة الكفر |
وتفرق الناس عند ذلك طائفتين فصارت طائفة مع حارثة بن سراقة قد ارتدوا عن الإسلام ، وطائفة مع زياد بن لبيد. فلما رأى ذلك زياد قال لهم : نقضتم العهد وكفرتم فأحللتم بأنفسكم واغتنمتم أولاها بعد عقباها ، فقال حارثة : أمّا عهد بيننا وبين صاحبك هذا لأحدث فقد نقضناها وإن أبيت إلّا الأخرى أصبتنا على رجل ، فاقض ما أنت قاضيها.
فتنحى زياد فيمن اتّبعه من كندة وغيرهم قريبا ، وكتب إلى المهاجر (٢) أن يمده ، وأخبره خبر القوم فخرج المهاجر إليه ، وسمع الأشعث بن قيس صارخا من أعلى حصنهم في شطر من الليل :
عشيرة تملك بالعشيرة |
|
في حائط يجمعها كالصيرة |
والمسلمون كالليوث الزيرة |
|
قبائل أقلها كثيرة |
فيها أمير من بني المغيرة
فلما سمع الأشعث الصّارخ إلى ما قد رأى من اختلاف أصحابه بادرهم فخرج من تحت ليله حتى أتى المهاجر وزيادا ، فسألهما أن يؤمّناه على دمه وماله حتى يبلغاه أبا بكر فيرى فيه رأيه ويفتح (٣) لهم باب الحصن ففعلا ، ويفتح لهم باب الحصن ، فيدخل المسلمون على أهل الحصن ، فاستنزلوهم فضربوا أعناقهم ، واستاقوا أموالهم ، واستبوا نساءهم ، وكتبوا إلى أبي بكر بذلك ، واستوثقوا من الأشعث حتى بعثوا به إلى أبي بكر في
__________________
(١) الأصعر : المعرض بوجهه كبرا.
(٢) يريد : المهاجرين بن أبي أمية وقد كان أبو بكر أمّره على قتال من ارتد ما بين نجران إلى أقصى اليمن.
(٣) كذا بالأصل.