الحديد موثقا ، فقال له أبو بكر : كيف ترى صنيع الله بمن نقض عهده؟ فقال الأشعث أرى أنه قد أخطأ حظه ونفس (١) جدّه ، فقال له أبو بكر : فما تأمرني فيك؟ قال : آمرك أن تمنّ علي فتفكني من الحديد وتزوّجني أختك أم فروة ابنة أبي قحافة ففعل أبو بكر ، فقال الأشعث حين زوّجه أبو بكر (٢) :
لعمري وما عمري عليّ بهيّن |
|
لقد كنت بالأخوان جدّ ضنين |
أحاذر أن تضرب هناك رءوسهم |
|
وما الدهر عندي بعدها بأمين |
فليت جنون الناس تحت جنونهم |
|
ولم ترم (٣) أنثى بعدهم بجنين |
وكنت كذات البوّ أنحت وأقبلت |
|
عليه بقلب واله وحنين (٤) |
فأجابه مسلم بن صبيح السّكوني :
جزى الأشعث الكنديّ بالغدر ربّه |
|
جزاء مليم في الأمور ظنين |
أخا فجرة لا تستقال وغدرة |
|
لها أخوات مثلها ستكون |
فلا تأمنوه بعد غدرته بكم |
|
على مثلها فالمرء غير أمين |
وليس امرؤ باع الحياة بقومه |
|
أخا ثقة أن يرتجى ويكون |
هدمت الذي قد كان قيس يشيده |
|
ويرضى من الأفعال ما هو دون |
وألبستنا ثوب المسبّة بعدها |
|
فلا زلت عبوسا بمنزل هون |
أرى الأشعث الكنديّ أصبح بعدها |
|
هجينا بها من دون كلّ هجين |
سيهلك مذموما ويورث سبّة |
|
يبيت بها في النّاس ذات قرون |
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف بن بشر ، نا الحسين بن فهم ، نا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، حدثني خالد بن القاسم ، عن زرعة بن عبد الله بن لبيد ، قال (٥) : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد
__________________
(١) بغية الطلب : وتعس جده.
(٢) الأبيات في تاريخ الطبري ٣ / ٣٤١ منسوبة للأشعث بن مئناس السكوني يبكي أهل النجير.
(٣) في الطبري : فليت جنوب الناس تحت جنوبهم ولم تمش.
(٤) في الطبري :
وكنت كذات البوّ ريعت فأقبلت |
|
على بوّها إذ طرّبت بحنين |
(٥) الخبر في غزوات ابن حبيش ١ / ١٣١ نقلا عن الواقدي ، ونقله ابن العديم في بغية الطلب ٤ / ١٩٠٤ وما بعدها.