قال (١) : ونا سيف عن أبي إسحاق الشّيباني ، عن سعيد بن أبي بردة ، عن عامر : أنه دخل عليه فاستأمنه على أهله وماله وتسعة ممن أحب ، وعلى أن يفتح لهم الباب فيدخلون على قومه. فقال لهم المهاجر : اكتب ما شئت واعجل ، فكتب أمانه ، وأمانهم وفيهم أخوه وبنو عمه وأهلوهم ، ونسي نفسه ، عجل ودهش ثم جاء بالكتاب فختمه ، ورجع فسرّب الّذين في الكتاب. (٢) وقال الأجلح والمجالد : لمّا لم يبق إلّا أن يكتب نفسه وثب عليه جحدم بشفرة وقال : نفسك أو تكتبني ، فكتبه وترك نفسه.
قال أبو (٣) إسحاق : فلمّا الباب اقتحمه المسلمون فلم يدعوا فيه مقاتلا إلّا قتلوه ، وضربوا أعناقهم صبرا ، وأحصى ألف امرأة ممن في النّجير والخندق من بين سليب أو متبع ووضع على السبي والفيوء الأحراس ، وشاركهم كثير.
وقال كثير بن الصّلت (٤) : لمّا فتح الباب وفرغ ممن في النّجير وأحصي ما أفاء الله عليهم ، دعا الأشعث بأولئك النفر ، ودعا بكتابه فعرضهم ، فأجاز (٥) من في الكتاب ، فإذا الأشعث ليس فيه ، وإذا هو قد نسي نفسه ، فقال المهاجر : الحمد لله الذي أخطأك نوءك (٦) يا أشعث ، يا عدو الله قد كنت أشتهي أن يخزيك الله ، فشدّه وثاقا ، وهمّ بقتله. فقالوا له : أخّره وأبلغه أبا بكر ، فهو أعلم بالحكم في هذا ، وإن كان رجلا نسي اسمه أن يكتبه ، وهو ولي المخاطبة أفذاك ، الله يبطل ذاك! فقال المهاجر : أمره بيّن ، ولكني أتّبع المشورة وأوثرها (٧). وأخّره وبعث به إلى أبي بكر مع السبي ، وكان معهم يلعنه المسلمون ويلعنه سبايا قومه ، وسماه نساء قومه عرف النار ـ كلام يماني يسمون به الغادر ـ وقد كان المغيرة تحير ليله للذي أراد الله عزوجل ، فجاء والقوم في دمائهم (٨) والسبي على ظهر ،
__________________
(١) الطبري ٣ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨.
(٢) الطبري ٣ / ٣٣٨.
(٣) بالأصل «ابن» والمثبت عن الطبري.
(٤) الطبري ٣ / ٣٣٨.
(٥) في الكامل لابن الأثير : فأجار.
(٦) قوله : «أخطأك نوءك» عن الطبري ومكانها بالأصل : «خطأ نفسه فولى» كذا.
(٧) بالأصل : «وأورثها وأجيره» والمثبت عن الطبري.
(٨) رسمها غير واضح بالأصل ، والمثبت عن الطبري.