البعيث فأنشدوه ، ثم دخل عليه البعيث بعدهم فقال : فقال : يا أمير المؤمنين وفدنا عليك جميعا فأدخلت هؤلاء وتركتني أهم أشعر مني؟ قال الوليد : أوما تعلم أنهم أشعر منك؟ قال : لا والله ، قال : فأنشد فإنهم قد أنشدوا ، قال : حتى أعيب قولهم ، قال الوليد : فهات ، فقال : أما الفرزدق فهذا الذي يقول :
بأبي رشا يا جرير وبارع |
|
تذكيت في حومات تلك القماقم |
فقد أقر بالهوان والدخول عليه قهرا.
وأما جرير فهو الذي يقول (١) :
لقومي أحمي للحقيقة منكم |
|
وأضرب للجماء (٢) والنقع ساطع |
وأوثق عند المردفات عشية |
|
لحاقا إذا ما جرّد السيف لامع |
فأقر بما استردف من نسائه وبالذل وليس مصدوقا في دعواه.
وأما الأخطل فهو الذي يقول (٣) :
لقد أوقع (٤) الجحّاف بالبشر وقعة |
|
إلى الله منها المشتكى والمعوّل |
فقد جعل قومه لا شيء.
وأما ابن رميلة فهو الذي يقول (٥) :
لما رأيت القوم ضمت رحالهم |
|
زبابا وقى شرّي وما كان وانيا |
فما داوى سره عند استراحته فمتى يتوب. قال الوليد : فأنشدنا ، فقد لعمري عبت قولهم ، فأنشده :
إذا أنت تأخذ من الدهر عصمة |
|
تشد بها في راحتيك الأصابع |
وجدت الهوى للنفس ليس بمكرم |
|
ولا صائن فاستبعدتك المطامع |
قال : ففضله الوليد عليهم ، وأعطاه ألفين وأعطاهم ألفا ألفا.
__________________
(١) البيتان في الأغاني ٨ / ١٨ في أخبار جرير.
(٢) الأغاني : للجبار.
(٣) ديوانه ص ٢٣٠.
(٤) بالأصل «وقع» والمثبت عن الديوان.
والجحاف هو ابن حكيم السلمي ، وقد جرت وقعة البشر بين قومه وبين بني تغلب ، وقد قتل من بني تغلب مقتلة عظيمة.
(٥) البيت في شعره في شعراء أمويون ص ٢٤٥ وفيه : صمت حبالهم.