فإني باعثك في سرية من يومك هذا ، أو من الغد. إن شاء الله». قال ابن عمر : فسمعت ذلك فقلت : لأدخلن ولأصلين مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم الغداة ولأسمعن وصية عبد الرّحمن قال : فقعدت (١) فصلّيت فإذا أبو بكر وعمر وناس من المهاجرين فيهم عبد الرّحمن بن عوف ، وإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد كان أمره أن يسير من الليل إلى دومة الجندل ، فيدعوهم إلى الإسلام فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعبد الرّحمن : «ما خلّفك عن أصحابك» قال ابن عمر وقد مضى أصحابه من سحر وهم مغتدون (٢) بالجرف (٣) ، وكانوا سبعمائة رجل قال : أحببت يا رسول الله أن يكون آخر عهدي بك وعليّ ثياب سفري قال : وعلى عبد الرّحمن عمامة قد لفها على رأسه ، فقال ابن عمر : فدعاه نبي الله صلىاللهعليهوسلم فأقعده بين يديه فنفض عمامته بيده ، ثم عمّمه (٤) بعمامة سوداء فأرخى بين كتفيه منها ثم قال : «هكذا يا ابن عوف ـ يعني ـ فاعتم» وعلى ابن عوف السيف متوشّحَهُ ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اغز بسم الله وفي سبيل الله ، قاتل من كفر بالله لا تغلل (٥) ولا تغدر ولا تقتل وليدا» قال : فخرج عبد الرّحمن بن عوف حتى لقي أصحابه فصار حتى قدم دومة الجندل فلما دخلها دعاهم إلى الإسلام ، فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام ، وقد كانوا أبوا أول ما قدم أن يعطوه إلّا السيف ، فلمّا كان اليوم الثالث أسلم أصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانيا ، وكان رأسهم ، وكتب عبد الرّحمن إلى النبي صلىاللهعليهوسلم يخبره بذلك ، وبعث رجلا (٦) من جهينة يقال له رافع بن مكيث ، فكتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه أراد أن يتزوج فيهم ، فكتب إليه النبي صلىاللهعليهوسلم أن يتزوج ابنة الأصبغ تماضر ، فتزوجها عبد الرّحمن وبنى بها ، ثم أقبل بها وهي أم أبي سلمة بن عبد الرّحمن [٢٣٣١].
قال الدارقطني : هذا حديث غريب من حديث عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الله بن عمر ، وهو غريب من حديث سعيد بن مسلم بن بابك (٧) ، والمدني عنه تفرد به عنه محمد بن الحسن الشيباني ولم يروه عنه غير أبي سليمان الجوزجاني كذا قال الدار قطني ،
__________________
(١) الواقدي : فغدوت.
(٢) الواقدي : معسكرون.
(٣) الجرف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام (معجم البلدان).
(٤) بالأصل «عممها» والمثبت عن الواقدي.
(٥) الواقدي : لا تغل.
(٦) بالأصل «رحل» والمثبت عن الواقدي.
(٧) الإصابة ١ / ١٠٨ فاتك.