الحكم بن ثوبان ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : جاء بنو تميم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بشاعرهم وخطيبهم فنادوا على الباب اخرج إلينا فإنّ مدحنا زين ، وإنّ ذمّنا شين قال : فسمعهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرج إليهم وهو يقول : «إنما ذاكم الله الذي مدحه زين ، وشتمه شين فما ذا تريدون؟» فقالوا : ناس من بني تميم جئناك بشاعرنا وخطيبنا لنشاعرك ونفاخرك ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما بالشعر بعثت ، ولا بالفخار أمرت ، ولكن هاتوا» فقال الزّبرقان بن بدر لشابّ من شبابهم : يا فلان (١) قم فاذكر فضلك وفضل قومك ، فقال : إن الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه ، وأتانا أموالا نفعل فيها ما نشاء ، فنحن خير أهل الأرض : أكثرهم مالا ، وأكثرهم عدة ، وأكثر هم سلاحا ، فمن أبى علينا قولنا فليأتنا بقول هو أفضل من قولنا ، وفضل أفضل من فضلنا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لثابت بن قيس : «قم يا ثابت بن قيس فأجبهم» فقال : الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأؤمن به ، وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، دعا المهاجرين من بني عمه أحسن الناس وجوها ، وأعظم الناس أحلاما ، فأجابوه. الحمد لله الذي جعلنا أنصاره ، ووزراء رسوله ، وعزا لدينه ؛ فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلّا الله فمن قاله منع منّا ماله ونفسه ، ومن أبى قاتلناه ، وكان رغمه علينا في الله هينا ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات. فقال الأقرع بن حابس لشاب من شبابهم : قم يا فلان فقل أبياتا تذكر فيها فضلك وفضل قومك فقال (٢) :
نحن الكرام فلا حيّ يعادلنا |
|
نحن الرءوس وفينا يقسم الرّبع (٣) |
ونطعم الناس عند القحط كلّهم |
|
من السّويق إذا لم يؤنس القزع (٤) |
__________________
(١) هو عطارد بن حاجب ، انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٢٠٧.
(٢) في سيرة ابن هشام ٤ / ٢٠٨ والطبري ٣ / ١١٦ فقام الزبرقان بن بدر فقال ، وذكر الأبيات ، وفي الروض الأنف ٤ / ٢٢٢ :
وإن بعض الناس ينكر الشعر له ، وذكر أن الشعر لقيس بن عاصم.
(٣) الربع يعني ربع الغنيمة ، وكان لعملك ربع الغنيمة في الجاهلية يأخذها دون أصحابه. وعجزه في الطبري وابن هشام :
منا الملوك وفينا تنصب البيع
والبيع جمع بيعة بالكسر وهي مواضع الصلوات والعبادة.
(٤) القزع : السحاب. وفي أسد الغابة : «السديف» وفي ابن هشام الطبري : «الشواء» بدل «السويق». وصدره في ابن هشام والطبري :
ونحن نطعم عند القحط مطعمنا