وهند عندي تلاعب صبيانها ، فسلّم عليّ ورحب بي ، وسألني عن سفري ومقامي ، ولم يسألني [عن] بضاعته ثم قام فقلت لهند : والله إن هذا يعجبني ما من أحد من قريش له معي بضاعة إلّا قد سألني عنها وما سألني هذا عن بضاعته ؛ فقالت لي هند : وما علمت شأنه؟ قلت وفزعت : ما شأنه؟ قالت يزعم أنه رسول الله ، فوقذتني وذكرت قول النصراني فرجفت ، حتى قالت هند : ما لك؟ فانتبهت (١) ، فقلت : إن هذا لهو الباطل ، لهو أعقل من أن يقول هذا ، قالت : بلى والله إنه ليقولن ذاك ويواتى (٢) عليه وإنّ له لصحابة على دينه. قلت : هذا الباطل. قال : وخرجت فبينا أنا أطوف بالبيت لقيته فقلت : إن بضاعتك قد بلغت كذا وكذا ، وكان فيها خير ، فأرسل فخذها ولست آخذ منك فيها ما آخذ من قومي فأبى عليّ وقال : إذا لا آخذها ، فأرسلت : فأرسل فخذها وأنا آخذ منك ما آخذ من قومي ، فأرسل إلى بضاعته فأخذها وأخذت منه ما كنت آخذ من غيره ، ولم أنشب أن خرجت إلى اليمن فقدمت الطائف فنزلت على أمية بن أبي الصّلت فقلت له : يا أبا عثمان قال : ما تشاء؟ هل تذكر حديث النصراني؟ قال : أذكره ، فقلت : فقد كان ، قال : ومن؟ قلت : محمد بن عبد الله ، قال : ابن عبد المطلب؟ قلت : ابن عبد المطلب ، ثم قصصت عليه خبر هند ؛ قال : فالله فالله يعلم لتصبّب عرقا ، ثم قال : والله يا أبا سفيان لعله أنّ صفته لهي ، وإن ظهر وأنا حيّ [لأتلينّ إلى](٣) الله عزوجل في نصره عذرا. قال : ومضيت إلى اليمن ، فلم أنشب أن جاءني هنالك استهلاله ، وأقبلت حتى نزلت على أميّة بن أبي الصلت بالطائف ، فقلت : أبا عثمان قد كان من أمر الرجل ما قد بلغك وسمعت. قال : قد كان لعمري ، قلت : فأين أنت منه يا أبا عثمان؟ قال : والله ما كنت لأؤمن برسول (٤) من غير ثقيف أبدا. قال أبو سفيان : وأقبلت إلى مكة فو الله ما أنا ببعيد حتى جئت مكة فوجدت أصحابه يضربون ويحقرون. قال أبو سفيان : فجعلت أقول : فأين جنده من الملائكة؟ قال : فدخلني ما يدخل الناس من النفاسة (٥).
آخر الجزء السادس بعد المائة.
__________________
(١) عن البداية والنهاية وبالأصل «فانتبهت».
(٢) البداية والنهاية : ويدعو إليه.
(٣) بياض بالأصل والزيادة المستدركة عن مختصر ابن منظور ، وفي البداية والنهاية : لأطلبن من الله ... وفي م : «لاتلين؟؟؟ الله».
(٤) عن م والبداية والنهاية وبالأصل : يا رسول الله ـ.
(٥) نقله ابن كثير عن الطبراني في البداية والنهاية ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٣.