فكتب عبد الملك إلى الحجّاج : يا ابن المستفرمة بحبّ الزبيب ، لقد هممت أن أركلك ركلة تهوي بها إلى نار جهنم ، قاتلك الله ، أخفش العينين ، أصكّ الرجلين ، أسود الجاعرتين (١).
قوله : لأقلعنّك قلع الصّمغة يريد لأستأصلنّك ، والصمغ إذا قلع انقلع كلّه ، ولم يبق له أثر وكذلك يقال تركتهم على مثل مقلع الصّمغة ومفرق الصمغة إذا لم يبق لهم شيء إلّا نهب ، ومثله : تركتهم على مثل ليلة الصدر يراد إذا نفر الناس من حجّهم ، وتركتهم على أنقى من الراحة ، هذا كله واحد.
وقوله : لأجررنّك [جر](٢) الضرب ، والضرب : العسل الأبيض الغليظ ، يقال قد استضرب العسل إذا غلظ ، وذكر الزيادي عن الأصمعي أنه قال : حدّثني رجل من قريش بالطائف أن العسل يستضرب إذا جرست (٣) نحلة البر ، وإذا غلظ العسل سهل على الجازر أخذه واستقط شوره ، وإذا دق سال.
وقوله : أصمّ الله صداك ، والصّدى هو ما يسمعه من الجبل إذا أنت صوّتّ فأجابك ، يريد بذلك أهلكك (٤) الله ، لأن الصدى يجيب الحي فإذا هلك الرجل صمّ صداه كأنه لا يسمع شيئا فيجيب عنه. قال : وحدّثنا أبو محمد [حدّثنا] أبو حاتم عن الأصمعي أنه قال :
يقال صمّي ابنة الجبل. عند الأمر يستفظع ، ويزعمون أنهم يريدون بابنة الجبل الصّدى ، وقال امرؤ القيس (٥) :
بدّلت من وائل وكندة عد |
|
وان وفهما صمّي ابنة الجبل |
يقال : ابنة الجبل الحية ويقال لها : صمّي صمام ، أن لا تخشى الرقى ، ولذلك يقال للداهية : صمام تشبيها بالحية الصّمّاء. وقال أبو عبيدة ابنة الجبل هي الحصاة ، يقال : صمّت حصاة بدم وذلك إذا اشتدت الحرب وتفاقم الأمر ، كأنه كثر (٦) الدم ، وإذا وقعت فيه حصاة لم يسمع لها صوتا. قال الكميت :
__________________
(١) انظر نصا آخر مختلف وفيه زيادة لكتاب عبد الملك إلى الحجاج في الأخبار الطوال ص ٣٢٤.
(٢) سقطت من الأصل ، الزيادة لازمة ، عن الرواية المتقدمة وفي م : جرز.
(٣) بالأصل «خرست» والصواب عن م ، انظر اللسان «جرس».
(٤) بالأصل «أهلك».
(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٥٧ من بيتين قالهما حين نزل في بني عدوان بعد مقتل أبيه ، واللسان : صمم.
(٦) عن اللسان وبالأصل وم «كبر».