من سلسلة ملوك أدوم ، ولكن ولده «هدد» ، والذي ربما كانت أمه مصرية ، قد استطاع الهروب إلى مصر ، حيث تزوج هناك من أميرة مصرية «أخت تخفنيس الملكة» ، وعاش ضيفا على فرعون إلى أن مات داود عليهالسلام ، حيث بدأ الأمل يعاوده في استعادة حقه الشرعي في عرش أدوم (١).
وقد نجح داود إلى حد بعيد في تنظيم أدوم ، كولاية تحت إمرته ، ورغم أنها كانت بعيدة نسبيا عن دولته ، إلا أنها كانت مهمة بالنسبة إليه ، فهي تمكنه من الوصول إلى خليج العقبة ، ومن ثم إلى البحر الأحمر ، هذا فضلا عن أنها كانت تحتوي على كثير من الرواسب المعدنية على حدود وادي العربة ، ومن هنا كانت أدوم ذات أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة إلى داود ، ذلك لأن الصحراء العربية والتي تمتد من نهاية جنوب البحر الميت وحتى خليج العقبة إنما كانت غنية بمعدني النحاس والحديد ، وقد استغل داود ذلك أفضل استغلال ، «وهيأ داود حديدا كثيرا للمسامير لمصاريع الأبواب والوصل ، ونحاسا كثيرا بلا وزن» (٢).
٦ ـ دولة داود ومدى اتساعها :
لا ريب في أن داود عليهالسلام قد كتب له نجحا بعيد المدى في أن يخلص قومه الإسرائيليين من النير الفلسطيني ، وفي أن يحقق لهم الاستقلال التام ، بل وأن يوجد لنفسه نفوذا في مؤاب وأدوم وعمون ، وفي أن تقدم له الهدايا ـ وليس الجزي ـ من أرامي دمشق ، وفي أن يقيم علاقات المودة مع «توعي» ملك حماة ، ضد عدوهما المشترك «هدد عزر» ملك الآراميين في صوبة ، ومع ذلك فعلينا ألا نبالغ كثيرا في تقدير سعة مملكة داود عليه
__________________
(١) صموئيل ثان ٨ / ١٣ ، ملوك أول ١١ / ١٤ ـ ٢٢ ، وكذاH.R.Hall ,Op ـ cit ,p. ٤٣١ وكذاW.M.F.Petrie ,Egypt and Israel ,London , ٦٥.p ، ١٩٢٥.
(٢) أخبار أيام أول ٢٢ / ٤ ، وكذاM.Noth ,Op ـ cit ,p. ١٩٦. وكذاW.Keller ,Op ـ cit ,p. ١٨٨