ومع كل هذه العيوب في هذه الطبعات الثلاث ، كان وجودها يسدّ فراغا في مراجع هذا الفن على الرغم مما يلقاه الناظر فيها من صعوبات ، ولكن هذه الطبعات لا يكاد يوجد منها شيء إلا أن يكون في مكتبة خاصة لبعض العلماء ، أو دار من دور الكتب التي يؤمها الباحثون ، وذلك يبرز ، إلى حد بعيد ، مدى الحاجة إلى تيسير وجود هذا الكتاب النافع بإعادة طبعه في صورة جديدة ، يستفاد فيها بما وصلت إليه الطباعة في هذا العصر من التقدم والإزدهار ؛
أما إخراج الكتاب إخراجا علميا محققا يجمع شتات نسخه المخطوطة المتعددة ويحقق ما امتلأ به من نصوص منقولة عن السابقين من العلماء والتي أكثر منها الرضى معزوّة إلى أصحابها ، فذلك أمل نرجو أن يتحقق على يد من يوفقه الله إليه ، ويكون قادرا على النهوض به ،
الى أن يتحقق هذا الرجاء ، إن شاء الله تعالى ، وجدت أنه من الميسور أن يعاد طبع هذا الكتاب في صورة جديدة تعين على الانتفاع به بتلافي ما أشرت إليه من عيوب في الطبعات السابقة ؛
فقد استخرت الله تعالى ونظرت في هذا الكتاب طويلا ، حتى استوعبت كثيرا منه ، وتعرّفت ما في طبعاته السابقة من أخطاء يمكن تداركها ، وتبينت طريقة الرضى في عرضه لمسائل هذا العلم وأسلوبه في نقد ما يعرض له من آراء العلماء ، كما تبينت ما في بعض عباراته من الغموض الذي يحتاج إلى التوضيح والتفسير ، فهو عند ما يقصد المبالغة في الشرح والتوضيح ، يسرف في التكرار وفرض الأمثله ، ويستطرد إلى ما ليس من موضوع البحث ، وحين يعود إلى ما كان فيه يكون قد طال الفصل وكثر الاستطراد ؛
وقد كان من الأخطاء التي وقعت في تلك الطبعات أن انتقلت جمل وسطور من مكانها ولم ينبه عليها أحد ، وبعد طول النظر وتفهم المقصود منها أمكن ، بفضل الله ، وضع كل شيء في مكانه فاستقام المعنى ، أو كاد ؛