قال الرضى :
قوله : «الوصف» ، تقدير الكلام : شرطه أن يكون في الأصل فلذلك صرف : مررت بنسوة أربع ، ولا تضره الغلبة ، فلذلك امتنع : أسود وأرقم.
وأنا إلى الآن لم يقم لي دليل قاطع على أن الوصف العارض غير معتدّ به في منع الصرف ، أما قولهم : مررت بنسوة أربع مصروفا ، فيجوز أن يكون الصرف لعدم شرط وزن الفعل على ما يذكر ، وهو عدم قبوله للتاء ، فانه يقبلها لقولهم : أربعة ، لا لعدم شرط الوصف.
وليس قولهم : ان التاء في أربعة ليست بطارئة على أربع ، لأن أربعة للمذكر ، وأربعا للمؤنث والمذكر في الرتبة قبل المؤنث بخلاف يعمل ويعملة ، فان يعملة للمؤنث فالتاء طارئة ؛ بشيء (١) ، وان دققوا فيه النظر ، لأنه إذا جاز ألّا يعتدّ بالوزن الأصلي في يعمل ، لكونه قد يعرض له بعد ، (٢) ما يخرجه عن الاعتبار وهو التاء في المؤنث ، فكيف يعتد بالوزن العارض في أربع مع كونه قبل ، على حالة خرج بها عن شرط اعتبار الوزن ، وهي اتصاله بالهاء؟ فإذا كان الوزن في الحال حاصلا فيهما والمخرج عن اعتباره في حال أخرى ، فسواء كانت تلك الحال قبل أو بعد ، بل الأوّل ينبغي أن يكون أضعف ، لأنه عارض غير لازم ، إذ قد يجوز في أربع للمؤنث استعمال الأصل أعني أربعة للمذكر ؛ وفي الثاني أعني يعملا وزن الفعل أصل لكنه غير لازم لأنه يقال للمؤنث يعملة ؛ فالوزنان متساويان في عدم اللزوم ، وأربع يزيد ضعفا بعروض الوزن ، على يعمل.
قوله : «فلا تضر الغلبة» ، معنى الغلبة أن يكون اللفظ في أصل الوضع عاما في أشياء ، ثم يصير بكثرة الاستعمال في أحدها أشهر به بحيث لا يحتاج لذلك (٣) الشيء إلى قرينة ، بخلاف سائر ما كان واقعا عليه ، كابن عباس ، فانه كان عاما يقع على كل واحد من بني
__________________
(١) خير عن قوله : وليس قولهم أن الثاء في اربعة الخ ..
(٢) بعد أي بعد جعله وصفا وفيما يأتي قوله في أربع : مع كونه قبل أي قبل جعله وصفا.
(٣) أي لدلالته على ذلك الشيء. وكذلك في قوله بعد. فلا يحتاج له.