فإن جاء مرضيا ، فببركات الجناب المقدّس الغرويّ (١) ، صلوات الله على مشرّفه ، لاتفاقه فيه (٢) ، وإلا فمن قصور مؤلفه فيما ينتحيه ؛
والله تعالى المؤمّل لإرشاد السبيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ؛
__________________
(١) الغرويّ المنسوب إلى الغريّ ، والغريّ معناه الحسن الجميل من كل شيء أو من الأبنية والأمكنة. وقد سميت بعض المواضع والأبنية باسم الغريّ. أشهرها الغريّان اللذان بناهما جذيمة الأبرش لنديميه مالك وعقيل بعد أن ماتا.
ويريد الرضىّ بالجناب المقدّس الغرويّ. المكان القريب من قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم. أو من قبر الإمام علي بن أبي طالب بالنجف ، كما ذكر الأستاذ عبد السّلام هارون في تعليقه على مقدمة خزانة الأدب في الطبعة التي أخرجها ، ولعل اعتماده في ذلك على أن بعض الشيعة كانوا يطلقون كلمة «الغري» على قبر علي رضي الله عنه ، وأن الرضى كان شيعيا ، ويترجح عندي أن المراد بالغريّ : القبر النبوي الشريف ، لأن الرضى كان من الذين تركوا العراق بعد الغزو التتاري واستقر به المقام في المدينة وألف فيها كتابيه العظيمين ، شرح الكافية وشرح الشافية. وقوله في هذه المقدمة : صلوات الله على مشرفه ، ومثله في ختام الكتاب. وكذلك في شرحه على الشافية حيث يقول : «وعلى الله المعول في أن يوفقني لإتمامه ، بمنه وكرمه ، وبالتوسل بمن أنا في مقدّس حرمه عليه من الله أزكى السّلام وعلى أولاده الغر الكرام» ، كل ذلك يرجح أن مراده بالجناب المقدس الغرويّ : القبر النبوي الشريف ، ثم إن الرضى مع كونه شيعيا لم يتحدث عن الإمام علي في كتابه هذا بمثل هذا الأسلوب ولم يعقب بعد ذكره بمثل هذا الدعاء بل يكتفي بقوله رضي الله عنه. وكرم الله وجهه ، مع أنه قد استشهد بكلامه كثيرا. والله أعلم بحقيقة الحال.
(٢) لاتفاقه فيه يدل على أنه ألفه في هذا المكان أو أنه بدأ ذلك فيه.