في المضمر المتصل بالعامل الأخير مرفوعا ومنصوبا ، لأن التنازع إنما يكون حيث يمكن أن يعمل في المتنازع فيه وهو في مكانه : كلّ واحد من المتنازعين لو خلّاه الآخر ، والعامل الأول يستحيل عمله في المضمر المتصل بالعامل الأخير ، لأن المتصل يجب اتصاله بعامله ، أو بما هو كجزئه ، ولا يتصل بعامل آخر ،
وأما المنفصل ، فإن كان مرفوعا ، نحو : ما ضرب وما أكرم إلا أنا ، وكذا الظاهر الواقع هذا الموقع ، نحو ما قام وما قعد إلا زيد ، فلا يجوز أن يكون أيضا من باب التنازع على الوجه الذي التزمه البصريون وهو أن الأول إذا توجّه إلى المتنازع (١) بالفاعلية وألغيته ، فلا بد أن يكون في العامل الملغى ضمير موافق للمتنازع ، وإنما لم يجز أن يكون منه إذ لو كان الملغى ههنا هو الأول وأضمرت فيه ضميرا مطابقا للمتنازع ، فإن كان بدون «إلا» صار هكذا : ما ضربت ، وما أكرم إلا أنا ، وما قام. أي هو ، أعني زيدا ، وما قعد إلا زيد ، فيكون «إلا أنا» مستثنى من المتعدد المقدر في : ما أكرم ، و : «الّا زيد» مستثنى من المتعدد المقدر في : ما قعد ، ولا يجوز أن يكونا مستثنيين من : ما ضربت ، وما قام ، لأنه لا متعدد فيهما ، لا ظاهرا ولا مقدرا ، فيصير الضرب والقيام منفيين عن المتنازع بعد ما كانا مثبتين له ، وشرط باب التنازع ألّا يختلف المعنى بالإضمار في الملغى.
وإن كان الاضمار في الملغى مع «الا» قلت في الأول ما ضرب إلا أنا وما أكرم إلا أنا ، إذ لا يمكن اتصال الضمير مع الفصل بإلا ، فلا يكون من باب التنازع ، لأن الملغى في باب التنازع إما أن يكون خاليا من العمل في المتنازع وفي نائبه أعني الضمير ، كضربت ، وأكرمني زيد ، وكذا ضرب وأكرمت هند ، عند الكسائي (٢) ، أو يكون فيه نائب عن المتنازع أعني الضمير في نحو : ضربا وأكرمت الزيدين ، ليظهر كونه ملغى وكون الآخر هو المعمل ، ولا يظهر في «إلا أنا» الذي بعد ما ضرب ، نيابة عن «إلا
__________________
(١) أي المتنازع فيه. والرضى يعبر عنه في هذا البحث كثيرا بالمتنازع فقط بصيغة اسم المفعول. وهو تعبير سليم لأن مادة تنازع متعدية بنفسها. وقد يقول المتنازع فيه.
(٢) يعني بحذف الفاعل من الأول وعدم اضماره وسيأتي.