قبل ، فحاله كما قيل :
٤٧ ـ فكنت كالساعي إلى مثعب |
|
موائلا من سبل الراعد (١) |
وذلك لأن حذف الفاعل أشنع من الإضمار قبل الذكر ، لأنه قد جاء يعده ما يفسره في الجملة ، وإن لم يجيء لمحض التفسير ، كما جاء في نحو ربه رجلا. فهو يقول : ضربني وأكرمت زيدا أو الزيدين أو الزيدين أو هندا أو الهندين أو الهندات.
ونقل المصنف عن الفراء منع هذه المسألة أي إعمال الثاني إذا طلب الأول للفاعلية (٢) ، وقال إنه يوجب إعمال الأول في مثل هذا ، والنقل الصحيح عن الفراء في مثل هذا أن الثاني إن طلب أيضا للفاعلية نحو : ضرب وأكرم زيد جاز أن تعمل العاملين في المتنازع ، فيكون الاسم الواحد فاعلا للفعلين. لكن اجتماع المؤثرين التامّين على أثر واحد مدلول على فساده في الأصول. وهم يجرون عوامل النحو كالمؤثرات الحقيقية ، قال : وجاز أن تأتي بفاعل الأول ضميرا بعد المتنازع ، نحو ضربني وأكرمني زيد هو ، جئت بالمنفصل لتعذر المتصل بلزوم الإضمار قبل الذكر.
وإن طلب الثاني للمفعولية مع طلب الفعل الأول له لأجل الفاعلية. نحو ضربني وأكرمت زيدا هو ، تعيّن عنده الإتيان بالضمير بعد المتنازع كما رأيت ، كل هذا حذرا مما لزم البصريين والكسائي من الإضمار قبل الذكر ، أو حذف الفاعل.
قوله : «وحذفت المفعول إن استغنيت عنه وإلا أظهرت». يعني إذا أعملت الثاني
__________________
(١) ليس هذا شاهدا على قاعدة وإنما هو تمثيل لحال الكسائي حيث فر من الاضمار قبل الذكر فحذف الفاعل. فهو كقولهم وقع فيما فرّ منه لأنه هرب من محظور فوقع في محظور أشد. والمثعب مسيل الماء في الوادي. وسبل الراعد يريد به المطر. والساعي اللاجئ والذاهب والموائل الذي يتخذ موئلا أي ملجأ ، والبيت من شعر سعيد بن حسان كما قال العيني. وقبله :
قررت من معن وافلاسه |
|
إلى اليزيديّ أبي واقد |
ومعن هو ابن زائدة الجواد المشهور. واليزيدي أحد أبناء يزيد بن عبد الملك ويقصد أن كلا منهما لكرمه وكثرة انفاقه قد أفلس.
(٢) جرى الرضى على هذا الاستعمال كثيرا وهو تعدية طلب باللام.