وأما قوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ)(١) ، فلتأكيد أمر الحج ودعاء الناس إلى الاستعداد له حتى كأن أفعال الحج مستغرقة لجميع الأشهر الثلاثة.
وإذا كان ظرف المكان خبرا عن اسم عين ، سواء كان اسم مكان أو ، لا فإن كان غير متصرف ، نحو زيد عندك ، فلا كلام في امتناع رفعه ، وإن كان متصرفا وهو نكرة فالرفع راجح ، نحو : أنت مني مكان قريب ، ودارك مني يمين أو شمال ، وهو باق على الظرفية عند البصريين ، والمضاف محذوف ، إما من المبتدأ ، أي مكانك مني مكان قريب ، أو من الخبر ، أي أنت مني ذو مكان قريب ، ومثله عند الكوفيين بمعنى اسم الفاعل فيجب رفعه ، وليس بظرف ، كما يجيء عن قريب.
وإن كان معرفة فالرفع مرجوح ، نحو : زيد خلفك ، وداري أمامك ، وذلك لان أصل الخبر التنكير ، ومع ذلك ، فرفع المعرفة لا يختص بالشعر نحو قوله :
٦٦ ـ شهدنا فما تلقى لنا من كتيبة |
|
يد الدهر الا جبرئيل أمامها (٢) |
خلافا للجرمي والكوفيين.
وإذا كان المكان في موضع الخبر عن عين ، والمراد تعيين المنزلة من قرب أو بعد ، قال سيبويه : لا يستعمل منه إلا ما استعملته العرب ، فلا تقل : هو مني مجلسك ، ومتكأة زيد ، ومربط الفرس ، قال : ولو أظهرت المكان في هذه الأشياء ، جاز ، نحو : هو مني مكان مجلسك ومكان متكأة زيد ، وذلك أن المكان يستعمل قياسا في تعيين القرب أو البعد.
ومما استعملته العرب ، قولهم : هو مني مزجر الكلب ، أي مهان ، ومقعد القابلة ،
__________________
(١) الآية ١٩٧ من سورة البقرة.
(٢) الشاهد رفع الظرف : أمام. لأنه معرف ، فهو خبر عن جبرئيل وهو لغة في جبرئيل وقوله يد الدهر منصوب على الظرفية بمعنى مدى الدهر وطول الدهر. وشهدنا أي شهدنا الغزوات مع النبي صلّى الله عليه وسلّم. وهو من شعر كعب بن مالك الأنصاري ونسبه بعضهم إلى حسان بن ثابت.