وعمرو في دار من هو ، أولى بالجواز ، لأن المبتدأ كما أنه لا يؤثر معنى من المعاني في الخبر ، ليس هو معه ، أيضا ، كالمفرد ، كما كان الموصول مع صلته كذلك.
فإن قيل : كيف الجمع بين قوله ههنا : أين مفرد (١) ، وقوله قبل : وما وقع ظرفا فالأكثر أنه مقدر بجملة.
قلت : لا شك أن لفظ «أين» اسم مفرد في الوضع ، سواء قدر بالجملة أو بالمفرد ، فأين في : أين زيد ، مفرد واقع موقع الجملة على الأصح ، فيصح أن يقال : إنه خبر مفرد.
وإن كان الاستفهام ظرفا متعلقا بالخبر المفرد الملفوظ به وجب تقديمه على المبتدأ ، إمّا مع الخبر ، نحو : علام راكب زيد ، أو بدونه نحو : علام زيد راكب.
قوله : «وإذا تضمن الخبر المفرد» ، اعلم أنه لا يقع من جملة مقتضيات الصدر ، خبرا مفردا ، إلا كلمة الاستفهام ، نحو : من زيد ، أو مضاف إليها ، نحو : غلام من زيد؟
قوله : «أو كان مصححا» ، أي كان الخبر ، أي تقدمه مصححا لمجيء المبتدأ نكرة ، على ما ذكر قبل في جواز تنكير المبتدأ ، أنّ تقدم حكم النكرة عليها ، خصّصها حتى جاز وقوعها مبتدأ ، وقد قلنا عليه ما فيه كفاية.
والأولى أن يقال في إيجاب تقدم الظرف خبرا عن المبتدأ المنكر ، في الأغلب مما لا يتضمن معنى الدعاء : إنّ العلة فيه خوف لبس الخبر بالصفة مع كثرة استعمال الظرف خبرا ، فلو قلّ وقوع الظرف خبرا عن المنكر ، اغتفر ذلك اللبس القليل ، كما في قوله تعالى : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ)(٢).
__________________
(١) في تمثيله للخبر المفرد المتضمن ما له صدر الكلام بقوله : أين زيد ؛
(٢) الآيتان ٢٢ ، ٢٤ ، من سورة القيامة.