فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ» (١) ، ففي كل واحد ضمير يرجع إلى المبتدأ ، إن كان مشتقا ، ولا إشكال فيه. وإن كانت متضادة فهي على ضربين : إما ان يتصف جزء المبتدأ ببعض تلك الأخبار ، والجزء الآخر بالخبر الآخر ، أو يتصف المجموع بكل واحد منهما ، فالأول نحو قولك للأبلق : هذا أبيض أسود.
وليس هو في الحقيقة مما تعدد فيه الخبر ، لأنه مثل قولك : هما عالم ، وجاهل ، إلا أن الفرق بينهما أن الضمير في كل واحد من : عالم ، وجاهل ، لا يرجع إلى مجموع المبتدأ ، بل المعنى : هما رجل عالم ورجل جاهل.
وأما الضمير في كل واحد من : أبيض ، وأسود ، فإنه يرجع إلى مجموع المبتدأ ، بدليل مطابقتهما له إفرادا وتثنية وجمعا ، كقولك : هما أبيضان أسودان ، وهم بيض سود.
وإنما جاز ذلك مع أن المراد : بعضه أبيض وبعضه أسود ، كما أن المراد بالأول :
أحدهما عالم والآخر جاهل ، لاتصال البعضين بخلاف جزأيهما ، فإن كل واحد منهما منفصل عن الآخر.
وإذا جاز إسناد الشيء إلى الشيء ، مع أن المسند إليه في الحقيقة متعلقه الخارج عنه مع قيام القرينة ، نحو : هذا حسن الغلام بنصب الغلام وجره ، فلأن يجوز إسناد الشيء إلى الشيء مع أن المسند إليه في الحقيقة جزء المسند إليه في الظاهر : أولى ، وهذا كما تقول : النارنج أحمر ، أي ظاهر قشره ، ومنه قولهم : زيد حسن الوجه وحسن وجه وحسن وجها ، نصبا وجرا.
وأما الثاني ، أعني ما اتصف فيه المجموع بكل واحد منهما ، نحو : هذا حلو حامض ، فلا إشكال فيه ، لأن الضمير يرجع من كل واحد من الخبرين إلى مجموع المبتدأ ، إذ المعنى : في جميع أجزائه حلاوة وفيها كلها حموضة ، لأنه امتزج الطعمان في جميع
__________________
(١) الآيات ١٤ ، ١٥ ، ١٦ من سورة البروج.