المتكلم زائرا في قولك زرتك طمعا ، ليس لأجل قيام الطمع به بل لأجل الزيارة.
فبان أن المفعول المطلق أخصّ بالفاعل من المفعول له ، فهو أحق بتقديم ذكره ، وأيضا ، لا فعل إلا وله مفعول مطلق ، لأن طلب الفعل الرافع للفاعل ، له ؛ أشد من طلبه لغيره ، ألا ترى أنه كما يقع على فاعله بصوغه على صورة اسم فاعل منه ، يقع على المفعول به بصوغه على صورة اسم مفعول منه ، بلا قيد آخر ، ففي قولك : ضرب زيد عمرا ، يوم الجمعة وخالدا اكراما لك : زيد ضارب ، وعمرو مضروب ، وأما يوم الجمعة فمضروب فيه ، وخالد ، مضروب معه ، واكراما مضروب له ، فتعليق ذلك الفعل بالمفعول به بتغيير صيغته من غير قيد آخر ، نحو : ضرب زيد ، وأما إلى غيره فبحرف جر ، نحو ضرب في يوم الجمعة ؛ وأما قولهم : سير فرسخان ، وصيد يوم كذا ، فمجاز قليل ، وكذا : فرسخ مسير ويوم مصيد ، وهو على حذف الجر للاتساع ، كما في نحو : استغفرت الله ذنبا.
قال سيبويه في قولهم : جئتك خفوق النجم ، أصله : حين خفوق النجم ، فاتسع في الكلام واختصر ، قال : وليس هذا في سعة الكلام بأبعد من قولهم : صيد عليه يومان ، وولد له ستون عاما ، وسير عليه فرسخان ؛ يعني أنك جعلت المفعول فيه كالمفعول ، اتساعا واختصارا فجعله ، كما ترى في غاية البعد.
وقدم المفعول فيه على المفعول له والمفعول معه لأن احتياج الفعل منّا إلى الزمان والمكان ضروري ، بخلاف العلة والمصاحب ، وقدم المفعول له على المفعول معه ، إذ الفعل الذي لا علة له ولا غرض ، قليل ، بخلاف الفعل بلا مصاحب فإنه أكثر منه مع المصاحب ، وأيضا ، يصل الفعل إليه بواسطة الواو ، بخلاف سائر المفاعيل ، ولو لا مراعاة التسمية ، كما قلنا ، لكان تقديم الحال على المفعول له والمفعول معه ، أولى ، إذ الفعل لا يخلو من حال من حيث المعنى.
وإنما سمي ما نحن فيه مفعولا مطلقا ، لأنه ليس مقيدا لكونه مفعولا حقيقيا بحرف جر ، كالمفعول به والمفعول فيه ، والمفعول له والمفعول معه.
قوله : «هو اسم ما فعله» ، قال : إنما قلت ههنا : اسم بخلاف سائر الحدود ، ليخرج