القهقري ، وعند بعض الكوفيين : هو منصوب بفعل مشتق من لفظة ، وإن لم يستعمل ، فكأنه قيل ، تقهقر القهقري وتقرفص القرفصاء ، ونحوه ؛ وعدم سماع وقوع هذه الأسماء وصفا لشيء ، وعدم سماع أفعالها يضعف المذهبين ؛ إذ هو إثبات حكم بلا دليل.
ويعني بالعدد : ما يدل على عدد المرات معينا كان أو ، لا ، وهو إما مصدر موضوع له ، نحو : ضربته ضربة وضربتين وضربات ، أو مصدر موصوف بما يدل عليه نحو ضربته ضربا كثيرا ، وأما عدد صريح مميز بالمصدر نحو : ضربته ثلاث ضربات ، قال الله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً)(١) أو مجرد عن التمييز نحو : ضربته ألفا ، ويجوز أن يكون المجرد صفة لمصدر محذوف أي ضربا ألفا ؛ وإما آلة موضوعة موضع المصدر نحو : ضربته سوطا وسوطين وأسواطا ، والأصل ضربته ضربة بسوط فحذف المصدر المراد به العدد ، وأقيم الآلة مقامه دالة على العدد بإفرادها ، وكذا في ضربت ضربتين بسوط ، أو ضربات بسوط وضعت الآلة مقام المثنى والمجموع مثناة أو مجموعة ، فقيل ضربته سوطين وأسواطا وتثنيتها وجمعها تثنية المصدر وجمعه لا تثنية الآلة وجمعها ، لأنك ربما قلت ضربته سوطين وأسواطا مع أنك لم تضربه العدد المذكور إلا بسوط واحد ، لكنك ثنيت الآلة وجمعتها لقيامها مقام المصدر المثنى والمجموع ، ويجوز أن يكون أصل : ضربته سوطا : ضربته ضربة سوط ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
وقد اجتمع في هذا القسم أي فيما قام فيه الآلة مقام المصدر : النوع والعدد ، كما اجتمعا في نحو قولك : ضربته ضربين وضروبا قاصدا اختلاف الأنواع.
قوله «فالأول لا يثنى ولا يجمع» ، إذ المراد بالتأكيد : ما تضمنه الفعل بلا زيادة عليه ، ولم يتضمن الفعل إلا الماهية من حيث هي هي ، والقصد إلى الماهية من حيث هي هي يكون مع قطع النظر عن قلتها وكثرتها ، والتثنية والجمع ، لا يكونان إلا مع النظر إلى كثرتها ، فتناقضا.
__________________
(١) الآية ٤ من سورة النور.