هذه الجملة الاسمية بمعنى الفعل والفاعل ، فهي بمعنى يصوت ، لأنها تدل على المصدر الحادث وعلى ما قام به ذلك المصدر ، وقد اقترن بالجملة ما دل على زمان ذلك المصدر الحادث أي الحال الماضية ، وهو لفظ مررت ، في مسألتنا ، فالمجموع كالفعل والفاعل وهذا وجه قويّ.
وقد قيل إن العامل في المصدر المنصوب : الاسم الذي بمعناه في الجملة المتقدمة ، لأن المعنى : فإذا له تصويت والتصويت مصدر يعمل عمل فعله إذا لم يكن مفعولا مطلقا ، كما يجيء في باب المصدر (١) ، فهو كما تقول عجبت من ضربك ضرب الأمير ، وكقولك : ضربك ضرب زيد خير من ضرب عمرو ضربه.
وفي هذا تردد ، لأن المصدر عندهم لا يعمل عمل الفعل إلا إذا صح تقديره بأن وفعل منه ، ويسمج ، لو قلت : مررت فإذا له أن يصرخ صراخ الثكلى ، بمعنى له صراخ فإنه قطع بحصول الفعل (٢).
وعلى الوجهين الآخرين لا يكون من هذا الباب ، لأن عامله ظاهر ويجوز أن يدّعي القول الثاني من هذه الأقوال الثلاثة في نحو قوله تعالى : (صُنْعَ اللهِ)(٣) ، و (وَعْدَ اللهِ)(٤) و (كِتابَ اللهِ)(٥) ، وصبغة الله (٦) لأن قبلها ما يؤدي معنى أفعالها ، فيقال : هذه المصادر منصوبة بالمذكورة قبلها ، لقيامها مقام أفعالها.
وأجاز غير سيبويه رفع هذا المصدر المنصوب أعني نحو : صوت حمار وصراخ الثكلى ، إما على البدل وإما على الوصف وذلك على أحد وجهين : قال الخليل (٧) : على حذف المضاف ،
__________________
(١) المراد باب المصدر من هذا الكتاب فقد تحدث فيه عن المصدر واعماله عمل الفعل. وأما باب المصدر من جهة أوزانه المختلفة فهو في شرحه على الشافية لابن الحاجب أيضا.
(٢) يعني أن جملة له أن يصوت أو يصرخ لا تعطي قطعا بحصول الفعل بخلاف له صراخ.
(٣) الآية ٨٨ من سورة النحل
(٤) الآية ٥ من سورة الروم.
(٥) الآية ٢٤ من سورة النساء
(٦) الآية ١٣٨ من سورة البقرة وتقدم معظم ما هنا.
(٧) هذا منقول عن الخليل في كتاب سيبويه ج ١ ص ١٨١.