والمعنى : إلبابا كثيرا متتاليا ، فحذف الفعل ، وأقيم المصدر مقامه وحذف زوائده ورد إلى الثلاثي ، ثم حذف حرف الجر من المفعول وأضيف المصدر إليه ، كل ذلك ليفرغ المجيب بالسرعة من التلبية فيتفرغ لاستماع المأموريه حتى يمتثله ؛ ويجوز أن يكون من : لبّ بالمكان بمعنى : ألبّ ، فلا يكون محذوف الزوائد.
وأما قولهم : لبىّ يلبيّ فهو مشتق من : لبّيك ، لأن معنى : لبىّ : قال لبيك كما أن معنى : سبّح وسلّم ويسمل ، قال سبحان الله ، وسلام عليك ، وبسم الله ، وأما سبّح بمعنى نزّه وسلّم بمعنى جعله سالما ، فلم يشتقا من سبحان الله وسلام عليك.
وسعديك مثل لبيك ، أي أسعدك أي أعينك إسعادين ، إلا أنّ أسعد يتعدى بنفسه بخلاف ألبّ فإنه يتعدى باللام (١).
وقولهم : دواليك (٢) ، أي تداول الأمر دوالين ، وهذا ذيك أي أسرع إسراعين ، قال :
٩٣ ـ ضربا هذا ذيك وطعنا وخضا (٣).
أي ضربا يقال فيه هذا ذيك ، كقوله :
٩٤ ـ جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط (٤)
وهجاجيك ، أي كفّ كفيّن ، كلها مصادر لا تستعمل إلا للتكرير ، بخلاف : حنانيك ،
__________________
(١) لعله أراد بأنه يتعدى باللام حين يكون معناه الاجابة ، ولكن الأصل أنه يتعدى بالباء لقولهم ألبّ بالمكان أي أقام.
(٢) اعتبر البغدادي هذه الكلمة اشارة إلى شاهد وهو قول سحيم عبد بني الحسحاس :
إذا شق برد شق بالبرد مثله |
|
دواليك حتى كلنا غير لابس |
وشرح الشاهد وذكر ما فيه من روايات وذكر ما يتعلق به وبقائله ، كعادته.
(٣) وهو من رجز للعجاج في مدح الحجاج بن يوسف الثقفي وفيها يقول في وصف من قاتلهم الحجاج :
تجزيهم بالطعن طعنا فرضا |
|
وتارة يلقون قرضا قرضا ... الخ |
(٤) أي كما أن التقدير هنا : جاءوا بمذق يقال فيه : هل رأيت .. وهذا الرجز أورده الكامل في عدة أشطار منسوبا إلى أحد الرجاز وان كان بعض شراح الشواهد ينسبه للعجاج. وقبله : حتى إذا جن الظلام واختلط. أي أنهم جاءوه بهذا المذق في الظلام حتى لا يراه ، يصفهم بالبخل.