عليه إن تضمّن المنصوب معنى الاستفهام أو الشرط ، أو أضيف إلى ما تضمّن أحدهما ، نحو : أيّهم ضربت وأيّ حين تركب أركب ، وغلام أيّهم ضربت ، وغلام من لقيت فأكرمه.
وكذا إن كان المنصوب معمولا لما بعد الفاء التي في جواب «أما» ، إذا لم يكن له منصوب سواه ، نحو قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(١) وذلك لما يجيء في حروف الشرط من أنه لا بدّ من نائب مناب الشرط المحذوف بعد أما ، ولو كان له منصوب آخر جاز أن تقدم أيّهما شئت وتخليّ (٢) الآخر بعد عامله ، نحو أما يوم الجمعة فاضرب زيدا ، وكذا إن سدّ شرط آخر مسدّ شرط «أمّا» ، نحو : أما إن لقيت زيدا فاضرب خالدا : لم يجب تقديم المنصوب.
ومنع الكوفيون نحو : زيدا غلامه ضرب ، لأن «زيدا» متأخر في التقدير من وجوه : أحدها بالنظر إلى «غلامه» لأنه من تمام خبره ، والثاني بالنظر إلى «ضرب» لأنه معموله ، والثالث بالنظر إلى فاعل «ضرب» لأنه مفعوله ، فبقي الضمير المتصل بغلامه كأنه لا مفسّر له قبله ، بخلاف قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ)(٣) لأنّ المنصوب متأخر من جهة المفعولية فقط ، وبخلاف : زيدا ضرب غلامه ، فإنه متأخر من جهة المعمولية والمفعولية ، وأجازه البصرية ، وهو الحق ، اكتفاء بالتقدم اللفظي.
وكذا منع الكوفيون نحو : غلامه أو غلام أخيه ضرب زيد ، وأيّ شيء أراد أخذ زيد ، على أن في «أراد» ضمير زيد ، وذلك لأن المفسّر في هذه الصورة هو الفاعل ، ولا يجوز أن تقدره قبل المفعول المقدم على الفعل ، لأن الفاعل لا يتقدم على الفعل فكيف يفسّر ما هو متقدم وليس بمقدم تقديرا ، وهذا بخلاف : ضرب غلامه زيد ، فإن مرتبة المفسّر قبل الضمير ؛ ويجوز تقديمه عليه ، وأجازه البصريون ، وهو الحق ، نظرا إلى أن مرتبة المفعول
__________________
(١) الآية ٩ من سورة الضحى
(٢) وتخلّى الآخر أي تبقيه بعد عامله ومعنى التخلية الترك.
(٣) الآية ١٢٤ من سورة البقرة.