«على معنى في نفسها» للكلمة.
وقال المصنف (١) : أن الضمير في قولهم : ما دل على معنى في نفسه ، وقولهم : في غيره راجع إلى «معنى» ، وأن معنى : ما دل على معنى في نفسه ، أي لا باعتبار غيره ، كقولهم : الدار قيمتها في نفسها كذا ، أي باعتبار نفسها لا باعتبار كونها في وسط البلد أو غير ذلك.
وفيه نظر ، لأنّ قولهم في حد الحرف : على معنى في غيره نقيض قولهم على معنى في نفسه ، ولا يقال في مقابلة قولك قيمة الدار في نفسها كذا : قيمة الدار في غيرها كذا ، بل يقال : لا في نفسها.
ومعنى الكلام على ما اخترنا ، أعني جعل «في نفسه» صفة لمعنى والضمير لما : الاسم (٢) كلمة دلت على معنى ثابت في نفس تلك الكلمة ، والحرف كلمة دلت على معنى ثابت في لفظ غيرها ؛ فغير ، صفة للفظ ، وقد يكون اللفظ الذي فيه معنى الحرف مفردا ، كالمعرف باللام ، والمنكر بتنوين التنكير ، وقد يكون جملة ، كما في : هل زيد قائم ، لأن الاستفهام معنى في الجملة ، إذ قيام زيد مستفهم عنه ، وكذا النفي في : ما قام زيد ، إذ قيام زيد منفي ؛ فالحرف موجد لمعناه في لفظ غيره ، إما مقدم عليه كما في نحو بصريّ ، أو مؤخر عنه ، كما في «الرجل» ، والأكثر أن يكون معنى الحرف مضمون ذلك اللفظ ، فيكون متضمنا للمعنى الذي أحدث (٣) فيه الحرف مع دلالته على معناه الأصلي ، إلا أن هذا تضمّن معنى لم يدل عليه لفظ المتضمن كما كان لفظ البيت متضمنا لمعنى الجدار ودالا عليه ، بل الدال على المضمون فيما نحن فيه لفظ آخر مقترن بالمتضمّن ، فرجل ، في قولك : الرجل ، متضمن لمعنى التعريف الذي أحدث فيه اللام المقترن به ، وكذا : ضرب زيد ، في : هل ضرب زيد ، متضمن لمعنى الاستفهام ، إذ ضرب زيد ، مستفهم عنه ،
__________________
(١) أي ابن الحاجب ، وقوله هذا في شرحه على المفصل للزمخشري واسمه الايضاح ، وقد أورد الجرجاني في تعليقاته هذا الرأي وشرحه ، وردّ على النظر الذي سيذكره الرضى.
(٢) خبر عن قوله : ومعنى الكلام على ما اخترنا ... إلخ
(٣) أي الذي أحدثه فيه الحرف ، وحذف العائد في مثله قياسيّ وكثير ، وسيتكرر مثله.