بفعل لا يظهر ، وهو أعني ، أو أخص في الجميع ، أو أمدح أو أذم أو أترحم ، كل في موضعه.
هذا ما قيل ، ولو قيل في الجميع بالنقل من النداء لم يبعد ، لأن في الجميع معنى الاختصاص ، فنكون قد أجرينا هذا الباب مجرى واحدا.
وكما ينصب على الذم ما هو المراد مما قبله ، نحو قوله تعالى : وامرأته حمالة الحطب» ، ينصب عليه ، ما يشبّه به في القبح شيء مما قبله ، كقوله :
١٤٩ ـ لحا الله جرما كلما ذرّ شارق |
|
وجوه قرود هارشت فازبأرّت (١) |
وقال :
١٥٠ ـ أقارع عوف لا أحاول غيرها |
|
وجوه قرود تبتغي من تجادع (٢) |
واعلم أنه ليس لك في قولك : يا أيها الرجل وعبد الله ، المسلمين ، أن تجعل المسلمين صفة للرجل وعبد الله ، لاختلاف إعرابها فهو مثل قولك : اصنع ما سرّ أباك وأحبّ أخوك الصالحين ، فاما أن تنصبه على المدح ، أو ترفعه عليه ، أي هما المسلمان وأعني الصالحين ، كما يجيء في باب النعت.
__________________
(١) لحا الله : دعاء عليهم وهو مأخوذ من اللحو وهو نزع ما على العود من قشر. والمهارشة بين الكلاب تكون بتحريض بعضها على بعض. وازبأرّت : انتفشت حتى ظهر أصل شعرها أي انها تجمعت للوثوب. والبيت من شعر عمرو بن معد يكرب الزبيدي. وهو صحابي. ويهجو جرما ، وهي قبيلة من قضاعة ، استعان بها عمرو على قبيلة أخرى اسمها نهد ، واشتغل هو وقومه بأعداء آخرين ففرت جرم ولم تصمد في قتال نهد وكان ذلك سببا في انهزام عمرو بن معد يكرب. فقال أبياتا في ذلك ، ومنها قوله :
علام تقول الرمح يثقل عاتقي |
|
إذا أنا لم أطعن به إذا الخيل كرت |
(٢) هو من احدى قصائد النابغة الذبياني التي يعتذر فيها إلى النعمان بن المنذر وهي من أشهر قصائده. وأول هذه القصيدة :
عفا ذو حسّ من قرتني فالفوارع |
|
فجنبا أريك فالتلاع الدوافع |
توهمت آيات لها فعرفتها |
|
لستة أعوام وذا العام سابع |
وقبل الشاهد :
لعمري وما عمري عليّ بهين |
|
لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع |