والشر ، وماز (١) ، رأسك والسيف ، فالمحذر ، إذن ، اما ظاهر أو مضمر ، والظاهر لا يجيء إلا مضافا إلى المخاطب ، والمضمر لا يجيء في الأغلب إلا مخاطبا
وقد يجيء متكلما ، كما مرّ ، وإذا كان معطوفا على المحذر جاز أن يكون ضمير غائب نحو : إياك وإياه من الشر ؛.
وقولهم إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيّا الشوابّ ، شاذ من وجهين : من جهة وقوع إياه محذرا ، وليس بمعطوف ، ومن جهة اضافة «ايا» إلى المظهر.
وسيبويه يقدر نحو : إياي والشر ، بنحو : لأحذر (٢) ونحوه ، فيكون على هذا تحذّرا لا تحذيرا ، قال الخليل بعضهم يقال له : اياك ؛ فيقول : اياي ، إذا قبل منك واستجاب ، كأنه يقول : أحذر نفسي وأحفظ ؛ وغير سيبويه يقدر في نحو : إياي والشر ، حذّر خطابا كما في اياك ، وقول سيبويه أولى ، ليكون الفاعل والمفعول شيئا واحدا ، كما في اياك والشر ، وقول عمر رضي الله عنه لجماعة : «اياي وأن يحذف أحدكم الأرنب بالعصا ، ولتذكّ لكم الأسل والرماح» ، يحتمل أمر المتكلم ، أي لأبعد نفسي عن مشاهدة حذف الأرنب ، وأمر المخاطب ، أي بعدّوني عن مشاهدة حذفه.
وأما الثاني أعني المحذّر منه المكرر ، فيكون ظاهرا أو مضمرا ، نحو : الأسد الأسد ، ونفسك نفسك ، وإياك إياك ، وإياه إياه ، وإياي إياي ، سواء كان الظاهر مضافا ، أو لا ، والمضمر متكلما ، أو مخاطبا أو غائبا ؛ وأجاز قوم ظهور الفعل مع هذا القسم ، نحو : احذر الأسد الأسد ، وإياك إياك احذر ، نظرا إلى أن تكرير المعمول للتأكيد لا يوجب حذف العامل ، كقوله تعالى : (دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا)(٣) ، ومنعه الآخرون وهو الأولى لعدم سماع ذكر العامل مع تكرير المحذر منه ، ولا نقول ان كل معمول مكرر موجب
__________________
(١) ماز ، ترخيم مازن ، وهو خطاب من شخص لآخر اسمه مازن يحذره من السيف.
(٢) صيغة مضارع مقرون بلام الأمر.
(٣) الآية ٢١ من سورة الفجر.